تلاعب في التحقيقات ونشر محاضر كاذبة بشأن قضية الفساد في البرلمان الأوروبي
أبرز المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، ما تشهده ما يعرف باسم فضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي من تلاعب في التحقيقات ونشر محاضر كاذبة وغير دقيقة بغرض التهويل الإعلامي وحرف مسار الحقائق.
وقال المجهر الأوروبي إن إعلان النيابة العامة في بلجيكا عن فتح تحقيق خاص في التسريبات الصحفية بشأن تطورات قضية الفساد داخل البرلمان الأوروبي ظهر حدة تأثير أطراف خارجية للتلاعب في الملف.
وأشار المجهر الأوروبي إلى أن التسريبات الإعلامية التي تضمنت اتهامات إلى كل من دولة قطر والمغرب بتقديم هدايا ومبالغ مالية إلى أعضاء في البرلمان الأوروبي دخلت في مرحلة واضحة من التصيد والشيطنة دون أدلة واستباقية لظهور نتائج التحقيقات.
وأثارت أوساط أوروبية تساؤلات حول الجهات المستفيدة من تعمد تضخيم تطورات التحقيقات واستهداف قطر مع تجاهل دول أخرى متهمة في القضية رغم أن التحقيقات تشير إلى دول مثل المغرب وموريتانيا.
يأتي ذلك فيما يؤكد محامو النواب المتهمون بالفساد بالأخطاء الإجرائية الكبيرة في التحقيقات، ويدفعون بإصرار على براءة موكليهم لاسيما النائبة اليونانية إيفا كايلي.
وأعلنت النيابة العامة البلجيكية عن فتح تحقيقا بشأن التسريبات الصحفية في إطار ما عرف باسم فضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي وتوجيه اتهامات بخصوصها لدولة قطر.
وأكد مسئولون بلجيكيون أن التسريبات الصحفية منذ كشف القضية حملت الكثير من الأخطاء والإشاعات وأنها هددت مسار ونزاهة التحقيقات القضائية الحاصلة في إطار الملف.
وشدد هؤلاء على وجوب توخى المهنية في كافة التسريبات الصحفية في القضية المتعلقة بالبرلمان الأوروبي والتدقيق في احتمال تدخل دول ومنظمات من أجل التأثير سلبا على القضية.
ومن المنتظر أن تبدأ إيفا كايلي، نائبة رئيس البرلمان الأوروبي السابقة، اليوم في جلستها الأولى أمام غرفة المجلس بمحكمة بروكسل.
وقد أكد محاميها ميخاليس ديميتراكوبولوس أن “إيفا كايلي بريئة” وأن لديه “حججًا قانونية قوية جدًا” لضمان حريتها.
يأتي ذلك فيما تواصل المفوضية الأوروبية البحث في أنشطة المفوض السابق ديميتريس أفرامبولوس. ما يحيط بفضيحة لا تزال ، بحسب اعتراف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، “دراماتيكية ومضرة بمصداقية الاتحاد الأوروبي”.
في هذه الأثناء يطالب عضو البرلمان الأوروبي ، أندريا كوزولينو زعماء الاتحاد الأوروبي ، من روبرتا ميتسولا إلى تشارلز ميشيل باتخاذ إجراءات أقوى “لمواجهة الفاعلين الخبيثين” الذين يتآمرون من خلال الفساد.
ونقلت صحيفة “ليكسبريس” الفرنسية عن وسائل إعلام بلجيكية وإيطالية أن كايلي، النائبة السابقة لرئيس البرلمان الأوروبي، اعترفت جزئياً، في إطار التحقيق باتهامات بالفساد لبعض أعضاء البرلمان الأوروبي.
كما اعترف فرانشيسكو جيورجي، المساعد البرلماني وصديق كايلي، بتأثيره مع آخرين على عمل مجموعته البرلمانية من أجل إبراز نفوذ دول في الشرق الأوسط لاسيما المغرب داخل البرلمان.
واعتقلت إيفا كايلي، عضوة حزب يسار الوسط PASOK-KIBNAL اليوناني في 9 كانون الأول/ديسمبر ووضعت قيد الحبس الاحتياطي في سجن بلجيكي.
وقدمت مؤخراً اعترافاً جزئياً للشرطة بشأن تورطها في الفساد وبأنها احتفظت بحقيبة مليئة بالنقود في منزلها، تقدر السلطات المبلغ بـ1.5 مليون يورو، واعترفت بأنها طلبت من والدها إخفاء جزء كبير من المبلغ قبل أن تفتش الشرطة شقته وتعتقله في بروكسل وتحجز حقيبة ممتلئة بالنقود.
واستنكرت قطر التي ترفض اتهامها بتقديمها “هدايا” من أجل تمثيل مصالحها مؤكدة إن هذا سينعكس “سلباً على التعاون الإقليمي والعالمي في الشؤون الأمنية” دون أن تنسى التذكير بالملف الحساس للطاقة.
أما المغرب، فلا تزال السلطات فيه صامتة ولم تعلق على المزاعم، وفي الوقت نفسه رفع رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش دعوى تشهير ضد النائب الأوروبي الفرنسي السابق جوزيه بوفيه الذي أدعى أن الرباط حاولت رشوته على هامش مفاوضات صفقة تجارية.
بالإضافة إلى كايلي وجيورجي، هناك النائب الإيطالي السابق بيير أنطونيو بانزيري الذي يشتبه بأنه زعيم المنظمة المفسدة.
كما تم الإعلان عن اسم آخر لمسؤول منتخب مستهدف في التحقيق وهو أندريا كوزولينو عضو الوفد البرلماني للعلاقات مع دول المغرب العربي.
وفي دلالة على عمليات تصفية حسابات لأغراض سياسية، قال المفوض اليوناني السابق في الاتحاد الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس إن بعض الأطراف تحاول توريطه في فضيحة الفساد داخل البرلمان الأوروبي من أجل إبعاده عن عملية اختيار الممثل الخاص المقبل للاتحاد الأوروبي للعلاقات مع دول الخليج.
وكان أفراموبولوس مفوضاً للهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة بين 2014 و2019 وعضواً في المجلس الاستشاري لمنظمة “مكافحة الإفلات من العقاب” غير الحكومية المرتبطة بأنطونيو بانزيري الذي تم اعتقاله لتورطه في مزاعم الفساد.
ومع ذلك، قالت صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية أن أفراموبولوس ليس فقط عضواً في المنظمة، ولكنه كان يتقاضى منها راتباً قدرته بـ60 ألف يورو بين شباط/فبراير 2021 وشباط/فبراير 2022.
وقال أفراموبولوس في بيان إن “اللجنة التي شاركت فيها، مع شخصيات مثل مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية السابقة فيديريكا موغيريني ورئيس الوزراء الفرنسي السابق برنار كازنوف والسيناتورة الإيطالية إيما بونينو كانت مشرّفة. بالنسبة لمساهمتي والتعويض المصاحب لها، فقد طلبت موافقة المفوضية الأوروبية وحصلت عليها كتابةً من الرئيسة أورسولا فون دير لاين”.
وقالت المفوضية إن إجراءً داخلي سيبدأ الاثنين لتحديد ما حدث بالضبط بين ديميتريس أفراموبولوس والمنظمة غير الحكومية. لكن الأخير ذهب أبعد من ذلك قائلاً إن هناك مجموعات في إيطاليا تريد إبعاده عن المنافسة على منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للعلاقات مع دول الخليج.
وكشفت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية وصحيفتا “لو سوار” و”كناك” البلجيكيتان الثلاثاء عن تفاصيل قرار أصدره قاضي التحقيق ميشيل كليز. وتخشى العدالة من أن تؤدي التسريبات إلى إلحاق أضرار جسيمة بالتحقيق.
كما انزعج محامو المشتبه بهم من سماعهم كل يوم معلومات جديدة من خلال الصحافة.
ونادرا ما يتم الإعلان عن الكثير من المعلومات في مثل هذه المرحلة المبكرة من التحقيق. لكن المعلومات الحساسة من الاستجوابات والمحادثات التي تم التنصت عليها من قبل الشرطة البلجيكية تنتهي في الصحافة كل يوم تقريبا.
ويؤكد مكتب المدعي العام الاتحادي أنه “يفتح تحقيقا في التسريبات بمبادرة منه”، وأشار القاضي إريك فان دير سايبت إلى أن “التسريبات الصحافية قد تعرض الملف بأكمله للخطر. هذا هو السبب في أننا نفتح تحقيقا في انتهاك السرية المهنية”.
في هذه الأثناء رفع رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش دعوى تشهير في باريس ضد النائب الأوروبي الفرنسي السابق جوزيه بوفيه الذي ادعى أن المملكة حاولت رشوته على هامش مفاوضات صفقة تجارية في مطلع العقد الماضي، حسب وثائق اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وقال بوفيه في تصريحات إذاعية، إنه عندما كان مقررا للجنة التجارة الخارجية “في السنوات 2009-2014″، عارض اتفاقية التجارة الحرة “الضارة” التي تتعلق بتجارة الفاكهة والخضروات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
وأضاف إن “وزير الزراعة (حينذاك عزيز أخنوش) لم يتحمل معارضتي لهذا المشروع عرض عليّ إحضار هدية لي في مونبيلييه، في مقهى يكون هادئا”. ورد على سؤال الصحافي هل كان الأمر يتعلق بأموال رد بوفيه “ماذا تريده أن يكون غير ذلك؟”.
وتابع بوفيه أنه حدد موعدًا له في مكتب محاميته و”توقفت (القضية) عند هذا الحد”.
وقال “عندما تكون هناك مصالح اقتصادية ضخمة على المحك، تمارس هذه الدول ضغوطًا وقد استغل ذلك بعض النواب الذين أصفهم بالمحتالين”.
ويقول أخنوش في الدعوى إن هذه “اتهامات كاذبة غير مقبولة” و”تعكس حقدا دفينا”. ورأى محامية أوليفييه باراتيللي أن “خوسيه بوفيه يحاول بشكل واضح وغير نزيه الاستفادة من المستجدات القضائية المتعلقة بالبرلمان الأوروبي لإخراج قصص قديمة لا أساس لها من الصحة”.