تحذيرات أوروبية من تعاظم استثمارات شركات سايبر إماراتية
رصد المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، تقريرا لموقع “إنتليجنس أونلاين” الاستخباري الفرنسي، يحذر فيه من مخاطر تعاظم استثمارات شركات سايبر إماراتية خارج حدود أبوظبي.
وأشار الموقع الفرنسي إلى السمعة السيئة للإمارات في استخدام برامج تجسس إسرائيلية بغرض المراقبة والتجسس على نشطاء الرأي والمعارضين.
وكشف الموقع نقلا عن مصادر استخباراتية مطلعة، عن وجود مهمة حكومية، يقودها حكام الإمارات مفادها تهافت شركات “سايبر إماراتية” على فتح منافذ لها في سنغافورة، التي أصبحت بشكل سريع مركزًا متقدمًا لجهود أبوظبي في تصدير التكنولوجيا السيبرانية في آسيا.
وأفاد الموقع بأن مجموعة “Group 42“، والشركة المتفرعة منها “إنجازات“، تقتفيا خطى مجموعة “إيدج” بتأسيس متجر لهما في سنغافورة كجزء من استراتيجيتهما للسوق الآسيوية.
وكانت مجموعة “إيدج”، المملوكة للدولة الإماراتية، قد بدأت المساعي التوسعية في آسيا، كجزء لا يتجزأ من إمبراطورية “طحنون بن زايد آل نهيان”، مستشار الأمن القومي الإماراتي بمجال الأمن السيبراني.
وسبق أن أسندت إيدج إلى “أوليفر كريبن-بيرس” مهمة مساعدتها في تصدير الأنظمة السيبرانية إلى آسيا. و“مجموعة 42″(المعروفة أيضًا باسم G42) هي شركة ذكاء اصطناعي وحوسبة سحابية تأسست في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة في عام 2018.
وتهدف الشركة إلى تطوير صناعات الذكاء الاصطناعي للقطاع الحكومي، والرعاية الصحية، والتمويل، وتنشط أيضا في مجالات النفط والغاز والطيران والضيافة.
تجدر الإشارة إلى أن شركة “إنجازات”، كانت قد أعلنت في يوليو الماضي، تعيين “مارتن ييتس” كرئيس تنفيذي للتكنولوجيا بالشركة، وذلك في إطار تعديل إداري رفيع المستوى بالقطاع السيبراني في دولة الإمارات.
و”ييتس” من المخضرمين السابقين في وزارة الدفاع البريطانية، وكان رئيسًا للتكنولوجيا السحابية في شركة “ديل”، وهو أيضا خبير في سوق منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصة سنغافورة.
ومن شأن خطوة “إنجازات” وشركتها الأم (مجموعة 42) الحصول على موطئ قدم في المنطقة؛ حيث تحرص الإمارات على زيادة صادراتها في المجال السيبراني، بحسب الموقع الفرنسي.
وأشار الموقع إلى أن رئيس الأمن السيبراني بحكومة الإمارات “محمد حمد الكويتي”، سافر إلى سنغافورة لحضور أسبوعها السيبراني الدولي (SICW) ، الذي انعقد في الفترة من 18 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول.
وهناك، تمكن الكويتي من تزويد السفير الإماراتي في سنغافورة “جمال عبدالله السويدي” ببعض الدعم، تحت غطاء منصبه كرئيس فرع الشرق الأوسط لمركز الفضاء السيبراني الاستراتيجي والدراسات الدولية (CSCIS).
وقبل يوم من انعقاد الأسبوع السيبراني الدولي في سنغافورة، يوم 17 أكتوبر، وضع السفير الإماراتي في ذات البلد اللمسات الأخيرة على اتفاقية تعاون بين مجموعة التكنولوجيا السنغافورية (SGTech) وشركة “إنجازات” الإماراتية.
وذلك على اعتبار أن الأخيرة، بحسب “إنتلجنس أونلاين” هي ”مقاول الدفاع السيبراني لأجهزة الاستخبارات في أبوظبي”.
وسبق أن دعت أوساط حقوقية وبرلمانية أوروبية إلى محاسبة دولة الإمارات العربية المتحدة على استثماراتها في برنامج بيغاسوس إسرائيلي للتجسس.
ورصد المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، انتقادات واسعة في الأوساط الأوروبية عقب كشف صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قبل أيام، عن استثمار الإمارات في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية “إن إس أو” منذ عام 2019 وإنتاج برنامج التجسس “بيغاسوس”.
وأكدت الأوساط الأوروبية أن اتخاذ إجراءات عقابية ضد شركة “إن إس أو” وحظر منتجاتها يتطلب بالضرورة محاسبة الجهات الدعامة للشركة ومنهم دولة الإمارات.
وحثت الأوساط على قرارات أوروبية فاعلة ضد الإمارات بما في ذلك حظر توريد المعدات الالكترونية الخاصة بالمراقبة والضغط عليها دبلوماسية لوقف انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
وبحسب “فايننشال تايمز” فإن شركة “مبادلة كابيتال” الاستثمارية، المملوكة لحكومة أبوظبي، تستثمر في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية “إن إس أو” منذ عام 2019، وهي الفترة التي تتبّع فيها برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع للشركة هواتف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
ولفتت الصحيفة، نقلاً عن ثلاثة أشخاص على اطلاع على القضية، إلى أن الشركة التي يرأس مجلس إدارتها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان هي واحدة من أكبر المستثمرين في صندوق الأسهم الخاصة الذي تبلغ قيمته مليار يورو، والذي اشترى “إن إس أو” قبل 3 سنوات.
وبحسب الصحيفة، يعني التزام الشركة بالمساهمة بقيمة 50 مليون يورو في صندوق الأسهم الخاصة “نوفالبينا كابيتال” في 2017، قبل أن يستحوذ على مجموعة “إن إس أو”، أن أموال الحكومة الإماراتية استُخدمت في شراء شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة الإلكترونية حتى قبل توقيع الإمارات اتفاق تطبيع مع إسرائيل في أغسطس/آب 2020.
وفي وقت رفضت الشركتان الإماراتية والإسرائيلية التعليق، قال مصدر مقرّب من “مبادلة” إن دور الأخيرة “الصغير” في الصندوق كان “دوراً سلبياً، وهي لم يتمّ إخطارها بالأمر إلا بعد إجراء الاستثمار”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أنهت شركة “إن إس أو” تعاقدها مع الإمارات لاستخدام برنامجها التجسسي “بيغاسوس”، بعدما قضت المحكمة العليا في بريطانيا بأنّ حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اخترق هواتف زوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، وفريق محاميها، خلال معركتهما القانونية بشأن حضانة طفليهما.
إلا أن الصحيفة كشفت، نقلاً عن شخص مطلع على المحادثات، عن أنه في إشارة إلى مدى رغبة الإمارات في الوصول غير المقيّد إلى برنامج التجسس، أجرت حكومة أبوظبي مناقشات داخلية حول احتمال شراء الشركة بالكامل في خريف عام 2021، إلا أنها لم تتجاوز المحادثات الأولية.
وخلصت المحكمة العليا في إنكلترا إلى أنّ نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أصدر تعليماته بالتجسس على هواتف زوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، ومحاميها وفريقها الأمني.
وخلال الجلسات، استمعت المحكمة إلى أنّ شركة “إن إس أو” ألغت عقدها مع الإمارات العربية المتحدة لخرقها القواعد بشأن استخدام نظام “بيغاسوس”. وقالت الشركة إنها أغلقت ستة أنظمة لعملاء سابقين بعقود تزيد قيمتها عن 300 مليون دولار أميركي، وفقاً لوكالة “رويترز”.
وقال مصدر مطلع على أعمال الشركة، لـ”رويترز”، إنّ “إن إس أو” نُبهت من قبل المبلغين عن سوء استخدام البرنامج لاستهداف الأميرة هيا وفريقها القانوني.
ووجدت الشركة الإسرائيلية نفسها، الصيف الماضي، في صلب فضيحة تجسّس عالمية بعد تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة، اعتباراً من 18 يوليو/تموز، أظهر أنّ برنامج “بيغاسوس” الذي صممته الشركة سمح بالتجسّس على ما لا يقلّ عن 180 صحافياً، و600 شخصيّة سياسيّة، و85 ناشطاً حقوقياً، و65 صاحب شركة في دول عدّة.