Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

دول الخليج تسعى لطمأنة طهران وسط تصاعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية

في الوقت الذي تتصاعد فيه الحرب غير المعلنة بين إيران وإسرائيل، تسعى دول الخليج العربية إلى اتباع سياسة مزدوجة تُجنّبها الانزلاق إلى مواجهة إقليمية شاملة، عبر إرسال رسائل تهدئة إلى طهران والتنسيق معها، رغم علاقاتها الوطيدة مع الولايات المتحدة واستضافتها لقواعد عسكرية أميركية رئيسية.

وبحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإنه ففي الأيام الأخيرة، كثّف قادة السعودية والإمارات وقطر وسلطنة عمان اتصالاتهم بالقيادة الإيرانية، في محاولة لتبديد التوتر وتجنّب أن تكون أراضيهم أهدافًا لهجمات صاروخية أو انتقامية في حال تطورت المواجهة إلى صدام مباشر بين طهران وواشنطن.

حسابات دقيقة في الخليج

تشعر دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، بقلق متزايد من أي تصعيد عسكري أميركي محتمل ضد إيران، خاصة في ظل وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض مجددًا، وتلويحه الدائم بالخيار العسكري.

فبالنسبة لحلفاء واشنطن الخليجيين، فإن توجيه ضربات أميركية لإيران من الأراضي الخليجية قد يجرّ عليهم ردًا مباشرًا، ويُعرّض منشآتهم الحيوية، وخصوصًا النفطية، للخطر.

وقد عبّرت الرياض وأبو ظبي بوضوح عن تحفظاتهما من هذا السيناريو، وبحسب مصادر دبلوماسية تحدثت للفايننشال تايمز، فقد طلبت بعض دول الخليج من واشنطن منذ خريف 2023 عدم استخدام قواعدها في أي ضربات على إيران، خشية الانتقام المباشر.

قنوات اتصال مفتوحة مع طهران

منذ بدء التصعيد الأخير، تواصل مسؤولون خليجيون رفيعو المستوى مع الرئيس الإيراني المنتخب مؤخرًا، مسعود بزشكيان، وأكدوا له موقفهم الرافض للهجمات الإسرائيلية المتواصلة.

كما تبادل بزشكيان رسائل واتصالات مع أمير قطر وسلطان عمان، بينما أجرى وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر والكويت اتصالات مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي.

دبلوماسي عربي أفاد بأن عمان وقطر نقلتا رسالة من إيران إلى واشنطن تُبدي فيها استعدادها للحوار إذا ما توقفت الهجمات الإسرائيلية، مشيرًا إلى دور الوساطة الخليجي الذي تحاول هذه الدول لعبه لتجنب اندلاع مواجهة إقليمية واسعة.

توتر خفي رغم الانفراجات

ورغم ما يُظهره الخليج من حراك دبلوماسي هادئ تجاه إيران، إلا أن العلاقات بين طهران من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، لا تزال قائمة على الحذر والتوجس.

فقد سبق لهاتين الدولتين أن دعمتا حملة “الضغط الأقصى” الأميركية على إيران في عهد ترامب، وتتهمان الجمهورية الإسلامية منذ سنوات بأنها تقف وراء سلوكيات مهددة للاستقرار الإقليمي، لا سيما من خلال أذرعها في اليمن وسوريا ولبنان.

لكن التحولات الجيوسياسية السريعة، وعودة ترامب إلى السلطة، دفعت قادة الخليج لإعادة ترتيب الأولويات. ومع أن الإمارات والبحرين أبرمتا اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل في عام 2020، إلا أن هذا الانفتاح لم يُترجم إلى تحالف استراتيجي عسكري، خصوصًا في ظل الانتقادات الخليجية المتكررة للسياسات الإسرائيلية في غزة وسوريا.

الخشية من التصعيد.. والرهان على التهدئة

التجارب السابقة في المنطقة أظهرت لدول الخليج أن الاعتماد على الولايات المتحدة لا يعني بالضرورة الحصول على الحماية الكاملة. ففي عام 2019، تسبب هجوم صاروخي وطائرات مسيرة على منشآت أرامكو السعودية – والذي نُسب إلى إيران – بوقف نصف إنتاج المملكة من النفط مؤقتًا، دون أن ترد الولايات المتحدة عسكريًا.

والحادثة تركت أثرًا عميقًا على تصور قادة الخليج لحدود الدعم الأميركي الفعلي.

ويقول محللون إن بعض دول الخليج، رغم قلقها من إيران نووية، لا ترغب بأن تكون إسرائيل، بقوتها العسكرية المطلقة في المنطقة، هي التي تحدد توازنات الشرق الأوسط.

ويضيف بدر السيف، أستاذ السياسة في جامعة الكويت، أن “الملكيات المطلقة في الخليج لا ترغب أن تكون هيمنة إسرائيل الإقليمية بديلاً عن الحذر من إيران”.

أما عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي المقرب من دوائر القرار في الإمارات، فقال: “واحد على وشك أن يُزال، والآخر يشعر بالجرأة. هل إسرائيل الإمبريالية جيدة للمنطقة؟ لا أعتقد ذلك”.

وبين ضغوط ترامب، والمخاوف من الصواريخ الإيرانية، والهواجس من تغول النفوذ الإسرائيلي، تجد دول الخليج نفسها تسير على حبل مشدود. فهي لا ترغب بالانحياز لطرف على حساب آخر، لكنها في ذات الوقت لا تملك ترف البقاء على الحياد في منطقة متخمة بالقنابل الموقوتة.

وفيما تبذل جهود التهدئة من العواصم الخليجية، يبقى مصير الخليج مرهونًا بحسابات القوى الكبرى، وبقدرة طهران وتل أبيب وواشنطن على تجنب الانفجار الكبير الذي قد يحرق الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى