غضب شعبي في السعودية على نقص الوظائف وفشل الوعود الحكومية
أبرز تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية، تنامي حالة غضب شعبي في السعودية على نقص الوظائف وفشل الوعود الحكومية في القضاء على معدلات البطالة وتحقيق النمو الاقتصادي.
ونقلت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، عن شبان سعوديين أن “الوضع أصبح أسوأ الآن”، على الرغم من أن اقتصاد المملكة أصبح أسرع الاقتصادات نموًا في العالم هذا العام.
وبحسب الصحيفة لم يستطع بعض الشباب السعوديين من إخفاء ازدرائهم للواقع الاقتصادي في المملكة، لأن الظروف المعيشية أصبحت أكثر صعوبة، فقد خفضت الحكومة الدعم عن الكهرباء والوقود، وزادت ضريبة القيمة ثلاث مرات، مما رفع تكلفة المعيشة.
وذكرت الصحيفة أن أغلب الوظائف في السعودية تتجمع حول الحد الأدنى للأجور وهو 4000 ريال في الشهر، وبعض السعوديين يشكون من أنها غير كافية، حتى أن بعضهم يعمل في وظيفتين، وفقاً لورقة عمل نشرها مركز هارفارد للتنمية الدولية.
وقالت إن الخطر يكمن على ولي العهد السعودي الحاكم الفعلي للمملكة محمد بن سلمان بأن المواطنين الأكثر فقراً والأقل تعليماً، يعانون من الفجوة الاقتصادية، وخاصة الشباب الذين يعيشون خارج المدن الكبرى، فقد تخلفوا عن الركب، لأنهم يتنافسون على وظائف أغلبها في العاصمة.
وأوضحت أنه في عهد محمد بن سلمان، تمر المملكة بفترة حرجة، وأصبحت المخاطر التي تواجهه كبيرة، لأن قاعدة الشباب التي تدعمه؛ أصبحت تطالبه بالمزيد من الوظائف.
وأشارت إلى أن جهود الحكومة لزيادة العمالة السعودية باءت بالفشل، على الرغم من أنهم دعموا توظيف النساء؛ “لكن كل هذه الوظائف تم شغلها بسرعة” وفقاً لامرأة سعودية طلبت عدم نشر اسمها الحقيقي.
وقال أحد الشباب السعوديين للصحيفة “لديك ثلاثة أرباع نفط العالم، لديك سياحة، أين يذهب المال؟، ماذا سأفعل بـ 3000 ريال؟ كيف أعيش عليها؟”
وأنهى كلامه قائلاً؛ “القوي يأكل الضعيف”.
وبحسب الصحيفة يتنافس السعوديون بشكل متزايد على وظائف القطاع الخاص بعد “الإصلاحات السريعة” لولي العهد محمد بن سلمان.
وتقول السلطات السعودية إنها تسعى لإصلاح اقتصاد البلاد بحلول عام 2030 لتقليل اعتمادها على النفط وتوسيع القطاع الخاص وتقليل الدعم الحكومي الذي كان الناس يعتمدون عليه تقليديا.
ويكمن الخطر في أن الأشخاص الأكثر فقرا والأقل تعليما، لا سيما أولئك الذين يعيشون خارج المدن الكبرى، ويتخلفون عن ركب المنافسة على وظائف ذات رواتب جيدة تتوفر غالبا في العاصمة الرياض.
وترافقت الإصلاحات الاقتصادية مع إصلاحات اجتماعية واسعة، بما في ذلك السماح للمرأة بقيادة السيارات وإنهاء دور الشرطة الدينية وإعادة فتح دور السينما.
وأثرت الإصلاحات على كثير من السكان، إذ خفضت الحكومة دعم الكهرباء والوقود. كما أدخلت ضريبة القيمة المضافة في 2018 وضاعفتها ثلاث مرات لتصل إلى 15 بالمئة خلال جائحة فيروس كورونا مما رفع تكاليف المعيشة.
وقال نائب مدير تشاتام هاوس للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سنام وكيل، إن الإصلاحات “تعيد توازن العقد الاجتماعي. إنها مبادرة ضرورية تسبب بعض الألم”.
وانخفضت البطالة إلى 10.1 بالمئة هذا العام، وهو أدنى مستوى منذ عام 2008. وبلغت البطالة بين الشباب 15 بالمئة في الربع الأول من هذا العام.
ودخل أكثر من 400 ألف مواطن إلى سوق العمل العام الماضي حيث تدفع الحكومة لمزيد من المواطنين للانضمام إلى القطاع الخاص. كما ارتفعت مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بنسبة 35 بالمئة.
وقالت زميلة أبحاث أولى بمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، كارين يونغ، إن قضية التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحفيز الاستثمار في جميع أنحاء البلاد هي القضية الرئيسية لولي العهد وهذا يعني أنه يجب على جميع المواطنين أن يكونوا في طريق ما … متأثرين بالتحول”.
وانتعش الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 3.2 بالمئة عام 2021 بعد الوباء. وبفضل الطفرة النفطية، من المتوقع أن يصل إلى 7.6 بالمئة هذا العام.
في حين أن المكاسب النفطية السابقة أعقبتها زيادة في الإنفاق الحكومي، تخطط السعودية هذه المرة لاستخدام المكاسب غير المتوقعة لدعم احتياطياتها والاستثمار في صندوق الثروة السيادي، الذي يشرف على مشروعات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات في المملكة.
كان التضخم هذا العام من بين أدنى المعدلات في دول مجموعة العشرين، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك إلى حوالي 3 بالمئة الشهر الماضي.
وهناك طلب كبير على السعوديين من ذوي المؤهلات والخبرة المطلوبة، لكن العديد من الوظائف الأخرى تتجمع حول الحد الأدنى للأجور البالغ 4000 ريال (1000 دولار) في الشهر، وفقا لورقة عمل نشرها مركز هارفارد للتنمية الدولية.
على الرغم من أن الأجور أعلى بكثير من الأجور المدفوعة للأجانب في نفس الوظائف، إلا أن بعض السعوديين يشكون من أنها لا تكفي، وبعضهم يشغل وظيفتين.
ويسافر الكثيرون في حائل إلى العاصمة الرياض بغية الحصول على فرص وظيفية أفضل. ومع ذلك، عاد البعض غير راضين عن الفرص المتاحة هناك.