Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبارنا

الغارديان: حرب السودان تخيم على معرض دبي الدولي للطيران

في صحراء دبي، وسط الأجنحة اللامعة والتقنيات العسكرية المتطورة، يفتتح معرض دبي الدولي للطيران دورة جديدة، ليصبح منصة عرض لأسلحة ودفاعيات على أحدث مستوى. وبينما يترك الزوار أعينهم على الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي، يخفي المعرض خلف الأضواء البراقة حقائق أكثر قتامة: علاقة تجارة الأسلحة مع الإمارات العربية المتحدة وتداعياتها على الحرب الأهلية في السودان.

وأبرزت صحيفة الغارديان البريطانية أنه في جناح أستراليا، يقف ضابط عسكري متقاعد لإضفاء “المصداقية الأساسية المتمثلة في ارتداء الزي العسكري” على الشركات الأسترالية المشاركة، والتي تمثل أكثر من 35 شركة في المعرض.

وبحسب الصحيفة يمتد الجناح في الصف الأوسط من المعرض، موقع يثير الانتباه ويعكس أهمية الإمارات كسوق رئيسي لصادرات الأسلحة الأسترالية، حيث بلغت صادرات الأسلحة والذخائر نحو 300 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية.

لكن البريق التجاري يصطدم بواقع مأساوي في السودان، حيث تشن قوات الدعم السريع، التي كانت متحالفة مع الحكومة سابقًا، حملة وحشية في دارفور، ولا سيما مدينة الفاشر.

ووفق تقارير الأمم المتحدة، استخدمت هذه القوات “أسلحة متطورة” قدمتها الإمارات عبر طرق تشمل تشاد وليبيا، لارتكاب عمليات قتل جماعي واغتصاب وتعذيب ضد السكان المحليين، بينما هُرّب معظم الذهب السوداني، المقدر بنحو 13.4 مليار دولار، إلى الإمارات.

وتعكس الصور الفضائية للمستشفى والمناطق المحترقة في الفاشر حجم المأساة، مع تغيّر لون الأرض إلى الأحمر من الدماء والجثث الملقاة في الشوارع، مما يثبت وحشية الهجمات.

وعلى الرغم من هذه التقارير، لا تزال الحكومة الأسترالية تدعم توسيع مبيعاتها الدفاعية إلى الإمارات. فقد أشارت وكالة التجارة الأسترالية إلى أن برنامج مشتريات الدفاع الإماراتي يمثل “فرصًا حقيقية للموردين الأستراليين”، ووفرت الدعم المالي للشركات الأسترالية لعرض منتجاتها أمام وزارة الدفاع الإماراتية.

كما أكدت الحكومة أن مشاركة ضباط متقاعدين في قيادة الوفود تضيف “مصدر مصداقية” للشركات.

وقد أثار هذا النهج انتقادات واسعة في أستراليا، من نواب البرلمان ومنظمات حقوق الإنسان والجماعات الدينية، التي طالبت بتعليق صادرات الأسلحة إلى الإمارات.

وتقول جماعات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”كويكرز أستراليا” إن القانون الدولي يلزم أستراليا بضمان عدم استخدام تجارتها العسكرية في انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما يبدو مستحيلاً في ظل غياب الشفافية حول مسار الأسلحة بعد تصديرها.

وأكدت الغارديان أن إثبات استخدام الأسلحة في السودان ليس صعبًا؛ فقد عثر مراقبو الأمم المتحدة على أنظمة استهداف بريطانية الصنع ومحركات ناقلات جند مدرعة في مواقع قتالية، ما يعكس استخدامًا مباشرًا للأسلحة المصدرة عبر الإمارات.

وفي الوقت ذاته، تنفي الإمارات تورطها، مدعية أن رحلاتها كانت “إنسانية” تحمل معدات طبية وإمدادات مستشفيات، رغم أن الصور والأدلة تشير إلى استخدام الأسلحة في الصراع مباشرة.

ومن منظور اقتصادي وتجاري، تستفيد الشركات الأسترالية من هذه الصفقات الضخمة، فيما تستمر المأساة الإنسانية في السودان بلا رادع.

ففي معرض الأسلحة، تُعرض المنتجات كحلول استراتيجية دون ذكر لمن ستُستخدم أو الأثر المحتمل على المدنيين. السيناتور ديفيد شوبريدج وصف الوضع بأنه “توسع هائل لمبيعات الأسلحة دون أي شفافية تقريبًا”، مضيفًا أن المجتمع الأسترالي بحاجة لمراجعة جادة للمسؤوليات القانونية والأخلاقية المرتبطة بتصدير الأسلحة.

وبحسب الصحيفة تواصل الحكومة الأسترالية، رغم إدانتها للفظائع في السودان، التمسك بإطار تصدير يركز على مصالح الشركات والاقتصاد الوطني، بينما يظل السؤال الأخلاقي مطروحًا: هل يُمكن لأستراليا أن تضمن عدم تورط أسلحتها في جرائم حرب؟.

ويوضح المحاضر في القانون الدولي، فيليب كاستنر: “من المستحيل تأكيد أن الأسلحة لم تُستخدم بالتأكيد في السودان”، محذرًا من أن تجارة الأسلحة لا تجلب السلام، بل تعزز دائرة العنف.

وفي خضم هذا التوازن الدقيق بين الربح والمأساة، يظهر معرض دبي كمنصة تكشف الانقسامات العالمية بين المصالح الاقتصادية والمسؤولية الإنسانية.

إذ في الوقت الذي تستعرض فيه الشركات الأسترالية تقنياتها أمام الوفود العسكرية، يواصل المدنيون في السودان دفع الثمن، بينما الذهب والموارد الطبيعية تُهرّب عبر الحدود، ويُستغل العنف في النزاعات كأداة للسيطرة والربح.

ويطرح معرض دبي الدولي للطيران، بما فيه جناح الدفاع الأسترالي، سؤالًا جوهريًا حول علاقة التجارة بالديمقراطية والمسؤولية: هل يمكن للدول المنتجة والمصدرة للأسلحة أن تحافظ على مصالحها التجارية دون أن تتحمل تبعات المآسي الإنسانية التي تُسهم فيها؟ وهل يكفي الإطار القانوني الحالي لضمان عدم إساءة استخدام الأسلحة بعد تصديرها، أم أن العالم بحاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات تجارة الأسلحة الدولية؟

وفي الوقت الذي يُستعرض فيه أحدث الطائرات والمعدات العسكرية في دبي، يستمر السودانيون في دارفور بالتعرض للعنف والقتل، في تذكير صارخ بأن المعارض والأسلحة ليست مجرد تجارتها، بل جزء من شبكة مصالح تمتد إلى مآسي واقعية على الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى