دراسة أوروبية: الحرب في غزة تخرج الصراع بين إيران وإسرائيل من الظل
خلصت دراسة أوروبية إلى أن الحرب في قطاع غزة المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تعمل على إخراج الصراع الطويل الأمد بين إيران وإسرائيل من الظل.
وأبرزت الدراسة الصادرة عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، أنه لا يزال قدر كبير من الاهتمام السياسي الدولي يتركز على الأعمال المدمرة التي تقوم بها إسرائيل في غزة منذ الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
لكن بحسب الدراسة فإن إيران وحلفائها ووكلائها في “محور المقاومة” وإسرائيل منخرطون بالفعل في حرب منخفضة المستوى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي تقترب أكثر من أي وقت مضى من صدام إيراني إسرائيلي مباشر.
وتمارس إيران نفوذها الأقوى في لبنان وسوريا، وهناك يكمن الخطر الأكبر المتمثل في تصاعد الصراع في الظل إلى حرب إقليمية شاملة.
وعلى الجبهة اللبنانية، شهدت إسرائيل وحركة حزب الله المدعومة من إيران أعنف اشتباكات بينهما منذ حرب لبنان عام 2006.
وفي الوقت نفسه، يهدد المسرح السوري بإشعال صراع مباشر أكثر فتكاً بين إسرائيل وإيران. منذ أكتوبر 2023، شنت الميليشيات المدعومة من إيران أكثر من 170 هجومًا على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، وردت الولايات المتحدة بالمثل بعد مقتل ثلاثة من جنودها في هجوم على الحدود السورية الأردنية في 28 يناير.
ثم في الأول من أبريل، قصفت إسرائيل المجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق. أدى الهجوم – وهو الهجوم الأكثر علنية على الأراضي السيادية الإيرانية حتى الآن – إلى مقتل قائد الحرس الثوري الإسلامي المسؤول عن عمليات إيران في سوريا ولبنان. وردت إيران في 13 أبريل/نيسان، بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار ضد إسرائيل في رد مباشر غير مسبوق، وإن كان معايرًا بحذر.
وبحسب الدراسة تتشكل هذه الديناميكيات التصعيدية من خلال رد فعل إسرائيل الأوسع نطاقاً منذ هجمات حماس واستراتيجية ” الدفاع الأمامي ” التي تتبناها إيران، وهو النهج الذي دام عقوداً من الزمن ويرتكز على مواجهة التهديدات المحتملة قبل أن تصل إلى الحدود الإيرانية.
وفي إطار هذه الاستراتيجية، مثّل لبنان وسوريا دائمًا ساحتين حاسمتين لطموحات طهران الاستراتيجية. منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قدم حلفاء طهران في لبنان وسوريا بعض الدعم العسكري لحماس من خلال تقييد الموارد الإسرائيلية على جبهات أخرى.
لكن طهران استخدمت أيضًا نفوذها لتعزيز موقفها الرادع ضد أي استهداف إسرائيلي أو أمريكي لإيران ردًا على هجمات حماس.
ورأت الدراسة أن الوفاة المفاجئة للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في 19 مايو/أيار 2024، لن تغير هذا النهج. بل على العكس من ذلك، خلال جنازة رئيسي، التقى قادة الجماعات اللبنانية والفلسطينية واليمنية والعراقية المدعومة من إيران مع كبار قادة الحرس الثوري الإيراني في طهران.
وقد حمل اللقاء رسالة واضحة مفادها أن استراتيجية إيران الإقليمية، المرتكزة بالدرجة الأولى على دعم محور المقاومة، ستبقى دون تغيير. ومن المرجح أن تظل سوريا ولبنان، على هذا النحو، معرضين لخطر المزيد من التصعيد.
وبعيداً عن العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الشرق الأوسط المتوتر بالفعل، فإن المزيد من التصعيد من شأنه أن يلحق ضرراً بالغاً بالمصالح الأوروبية.
فإذا انتشر الصراع في لبنان وسوريا، فسوف يخلق تهديدات أمنية جديدة، ومن المرجح أن تستغله الجهات الفاعلة الخبيثة والمتطرفة لشن عمليات أوسع نطاقا ــ مثلما فعل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال الحرب الأهلية السورية الطويلة. ومن شأنه أيضاً أن يؤدي إلى تدفقات كبيرة جديدة للاجئين نحو أوروبا.
ولمنع هذا التصعيد، سوف يحتاج الزعماء وصناع السياسات الأوروبيون إلى تكوين صورة شاملة لاستراتيجيات إيران ونفوذها في لبنان وسوريا.