مخاوف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جراء شراء إيلون ماسك لتويتر
أدى استحواذ إيلون ماسك، الرّجل الأغنى في العالم، على منصة التواصل الاجتماعي تويتر إلى فترة من الفوضى، بينما تساءلت تقارير إعلامية عما إذا كانت نهاية المنصة أصبحت وشيكة.
وبحسب مؤسسة “فنك” الأوروبية يرى خبراء وسائل التواصل الاجتماعي الذين يراقبون المنطقة أنه بغض النظر عما إذا كان تويتر سينهار أم لا، فسوف يكون لملكيته الجديدة فعالية على المستخدمين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لا يعتبر تويتر أكثر منصات التواصل الإجتماعي استخدامًا في المنطقة. فمستخدموه لا يشكّلون سوى نسبة ضئيلة من مستخدمي فيسبوك وواتساب وإنستجرام وحتى سناب شات.
ولا يستخدمه في شمال إفريقيا إلا ثمانية ملايين مستخدم فقط. كما توقف نمو تويتر في المنطقة في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فالشرق الأوسط يحتوي على ثلاثة من أكبر 20 سوقًا لتويتر هي تركيا والسّعودية ومصر، وما تزال المنصة مؤثرة في تحديد أجندة الأخبار.
قال داميان رادكليف، أستاذ الصّحافة بجامعة أوريغون، والذي ينشر تقارير سنوية عن وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة: “إذا نظرنا إلى معدّلات الاستخدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا بل في أنحاء العالم، فسنجد أنها ليست عالية بالقدر الذي يتوقعه أغلب الناس”.
وأضاف: “غالبًا ما يتفاجأ الناس من عدد المستخدمين القليل مقارنةً بعدد المنصات الأخرى، على الرغم من أن تأثيرها لا يتناسب مع عدد مستخدميه من حيث حجم النقاشات التي يُحدثها في الدوائر السياسية والإعلامية”.
وقد شهِد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة تطورًا ملحوظًا منذ بداية العقد الماضي. فالمنصّات التي استُخدمت ذات مرة للتواصل وتنظيم مقاومة الأنظمة الاستبدادية، بل والإطاحة بها، صارت تُستغلّ الآن من الأنظمة الاستبدادية الجديدة.
خصوصًا بعدما صارت وسائل التواصل الاجتماعي نقطة ضعف لدى النشطاء والمعارضين، فلا تُنذر سيطرة ماسك الفوضوية على تويتر إلا بالتهديد.
ففي أغسطس الماضي، اتهمت محكمة في كاليفورنيا موظفًا سابقًا في تويتر بالتجسس على المعارضين السّعوديين.
فقد كان الموظف يرسل بياناتهم الشّخصية إلى أحد المقرّبين من وليّ العهد السّعودي محمد بن سلمان.
والجدير بالذكر أن الأمير السعودي الوليد بن طلال هو ثاني أكبر مساهم في تويتر، إذ يمتلك نحو 4% من الأسهم. كما استثمر جهاز قطر للاستثمار 375 مليون دولار في عملية استحواذ ماسك على تويتر.
وقال رادكليف: “إنَّ احتمالية وقوع هجمات إلكترونية على تويتر تبدو عالية جدًا في الوقت الحالي وقدرتهم على مواجهة ذلك تبدو ضعيفة للغاية”.
وأضاف: “لديهم بيانات مهولة عن المستخدمين وأرى أن هذا مصدر قلق محتمل، لا سيما في بلدان الشرق الأوسط وأماكن أخرى حيث يُحتمل أن يتضرر المستخدمين بمجرد إتاحة بياناتهم للبيع”.
تثير الشراكة مع أفراد أو مجموعات قريبة من الأنظمة الاستبدادية بعض المخاوف وذلك بشأن رد فعل تويتر في حال تعرّض للضغط بطلب توفير معلومات عن المعارضين أو قمع خطاب المعارضة.
كما أنّها تثير تساؤلات حول تضارب مصالح ماسك التجارية فيما يتعلق بعمل شركتي تسلا وسبيس إكس في أسواق معينة.
طرح مثل هذه الأسئلة بالفعل أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي. لكن الخبراء يقولون إنهم قلقون أكثر على أمن البيانات في حال تعطّل تويتر.
قال أندرو ليبر، الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية وبرنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بجامعة تولين: “مخاوفي تتعلق أكثر بأمن البيانات والمشكلات التي قد تُحدث ثغرات تستغلها الحكومات”.
وأضاف ليبر أن المشكلات الأمنية في خدمات مثل المصّادقة الثنائية، كالتي تُرسل للمستخدمين بريدًا إلكترونيًا أو رسالة نصية لمنع الاختراق أو القرصنة، قد تُمكّن مؤيدي الحكومات من الحصول على البيانات الخاصة النشطاء.
وعبر تلك البيانات، يمكن للحكومات أن تجبر المستخدمين المؤثرين على التغريد بدعهما أو إسكاتهم أو اعتقالهم. وهذه الأمور قد حدثت من قبل بالفعل.
وبالطبع جاءت بعض الفوضى والتساؤلات من السّياسات التي طرحها ماسك على أكثر من 118 مليون متابع لحسابه. فمنذ شراء المنصّة مقابل 44 مليار دولار أمريكي، يبدو أن ماسك قد طبّق تغييرات محدودة تركز على الولايات المتحدة.
بدأ ذلك بتسريح للموظفين على نطاق واسع، لا سيما في الفروع الخارجية. إذ يبدو أن تركيز ماسك ينصب على الولايات المتحدة، فقد غرّد قائلًا: “شهد تويتر انخفاضًا هائلًا في الإيرادات بسبب ضغوط الناشطين على المعلنين.
وذلك رغم أن شيئًا لم يتغير مع الإشراف على المحتوى وأننا قد فعلنا كل ما في وسعنا لإرضاء النشطاء. هذا عبث! إنهم يسعون إلى القضاء على حرية التعبير في أمريكا”.
بينما ذكر ماسك مفهوم “حرية التعبير” المثير للجدل، أوضح أنه يجب أن يتوافق مع القانون. لكن ما لا يدركه ماسك أن تويتر سيُضطر إلى الالتزام بمعايير مختلفة عندئذ. فقوانين حرية التعبير في أوروبا تختلف كثيرًا عن قوانين الولايات المتحدة، فضلًا عن حرية التعبير في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
قال رادكليف: “إنَّ معايير حرية التعبير في مصر والجزائر والإمارات والسعودية مختلفة تمامًا. فمعظم هذه البلدان لديها قوانين للجرائم الإلكترونية فضفاضة للغاية في ما يمكن اعتباره تهديدًا للأمن القومي.”
كما أننا لا نعرف كيف ستتعامل المنصة مع حرية التعبير في ما يخص الجماعات المصنفة إرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية. والجدير بالذكر أن تويتر قد أطلق حملة مكثفة لحظر الحسابات المرتبطة بالتنظيم عام 2016.
ومع ذلك، إذا انهار تويتر تمامًا كما يرجّح البعض، فقد ينتقل مستخدموه بوتيرة أسرع إلى منصّات أخرى.
قال رادكليف: “أحسب أن الكثير من الناس قد بدأوا بالفعل الانتقال إلى منصّات أخرى بالفعل بسبب المراقبة والمضايقات التي تحدث. ومن خلال تجربتي المحدودة، صار المزيد من الناس يشاركون آراءهم في مجموعات واتساب الخاصة، لكن هذا سوف يؤدي إلى تسريع وتيرة هذا الاتجاه. ولا شك في أن لا أحد سيستخدم المنصة إذا انهارت”.