تقرير أوروبي: الإمارات تتجه للسماح بكازينوهات ألعاب القمار قريبا
نشرت وكالة أنباء “رويترز” الدولية تقريرًا أعدَّته ليزا بارنجتون وفرح مستر، الكاتبتان بوكالة الأنباء البريطانية، تستعرضان فيه احتمالية توفير ألعاب القمار في دولة الإمارات بصرف النظر عن أشكالها وأسمائها.
واستهلت الكاتبتان تقريرهما بحسب متابعة المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، بالقول: أثار موضوع افتتاح كازينوهات عالمية في الخليج تكهُّنات هادئة في أوساط الدبلوماسيين والمديرين التنفيذيين على مدى سنوات.
ولكنَّ رؤساء الكازينوهات العالمية يصوِّبون أنظارهم الآن على جائزة لم ترِد في الحسبان سابقًا، وهي: توفير ألعاب القمار في الإمارات.
وكانت إمارة رأس الخيمة، إحدى أصغر الإمارات السبع وأقلها شهرة، قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها تخطط لتنظيم القمار في بعض المنتجعات.
وفي اليوم ذاته ذكرت شركة “وين ريزورتس” العملاقة التي تمتلك كازينو لاس فيجاس أنها ستقيم منتجعًا مُرخصًا لألعاب القمار على جزيرة صناعية. وللحصول على مزيد من المعلومات في هذا الصدد يمكن الدخول على الرابط المُرفَق.
ووفقًا للتقرير قد تُمثِّل هذه الإعلانات لحظة فارقة في تاريخ الخليج، تلك المنطقة التي عادةً ما تطبِّق أحكامًا إسلامية تتسم بصرامة أكثر من أماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن حظر القمار فيها منذ أمدٍ بعيد.
وفي الوقت الحالي يتوجه الأشخاص الذين يبحثون عن ألعاب القمار إلى أمثال كازينو لبنان في بيروت أو بعض الفنادق المصرية الفخمة. ومع ذلك قد يتغير هذا الوضع مع مرور الوقت.
وفي تصريح لرويترز قال مصدران مُطِّلعان على هذه المسألة إنه سيُسمَح بألعاب القمار بشكل أو بآخر في الإمارات، غير أنه سيتعين على كل إمارة أن تقرِّر موقفها من السماح بذلك وكيفية تنظيمه، على غرار حظر إمارة الشارقة بيع الكحول خلافًا لغيرها من الإمارات.
وأضافت المصادر أن هذا الأمر سيحدث قريبًا، دون أن تُقدِّم إطارًا زمنيًّا مُحدَّدًا.
وبحسب التقرير قد تستفيد كازينوهات وفنادق أخرى تحمل علامات تجارية عالمية، والتي انتقلت إلى الإمارات، إذا مهَّدت إمارة رأس الخيمة الطريق لغيرها من الإمارات حتى تحذو حذوها.
وذلك في ظل تصويب أعين كثيرٍ من العلامات التجارية العالمية على الجائزة الكبرى الأكثر تألقًا؛ إمارة دبي، والتي تُعد نقطة جذب سياحي عالمية تُحظَر فيها ألعاب القمار حاليًا.
وأفاد كازينو بالاس، الذي افتُتح في دبي عام 2018، وهو المنتجع الوحيد التابع لمنتجعات شركة “سيزارز إنترتينمنت” العملاقة في الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم الذي لا يوفر صالة لألعاب القمار، لرويترز: إنه سيدرس أي إمكانية لتقديم القمار في دبي.
ومن جهته قال أنتوني كوستا، الرئيس الإقليمي “سيزارز إنترتينمنت”: “إن التسليم باحتمالية توفير ألعاب القمار في الإمارات الآن، بأي شكل من الأشكال، يسمح لأشخاص مثل مسؤولي شركتي “سيزارز إنترتينمنت”، و”إم جي إم” أيضًا بالنظر في هذا الأمر عن كثب”.
وأضاف: “أعتقد أن هذا قرار رائع”. وتابع كوستا قائلًا: “إذا كان بالإمكان تقديم عطاءات من أجل الحصول على ترخيص لتقديم هذه الألعاب، فسترغب أية شركة قمار، مثل أي فرد أو مؤسسة، أن تشارك بنشاط في هذه المحادثات”.
وينوِّه التقرير إلى أن أعمال الحفر قد بدأت في منطقة صخرية صناعية أخرى تبعد عن منتجع شركة سيزرز إنترتينمنت بنحو 10 كيلومترات على طول ساحل دبي من أجل دعم إنشاء منتجع فاخر تمتلكه شركة “إم جي إم ريزورتس إنترناشيونال” التي يقع مقرها في ولاية لاس فيجاس الأمريكية.
وعندما سُئلت شركة “إم جي إم ريزورتس إنترناشيونال” إن كانت ستقدم ألعاب القمار في المنتجع، أوضحت الشركة أن “ألعاب القمار لم تكن جزءًا من الخطة التي وضعتها ولا توجد تحديثات لهذه الخُطَط”.
وقبل عام مضى، بحسب التقرير، نفت إمارة دبي، التي تُعد أكثر الإمارات انفتاحًا، الشائعات التي تداولت على وسائل التواصل الاجتماعي وفي أوساط قطاع الأعمال بأنها منحت كثيرًا من الأماكن التي تقدم الضيافة تراخيص لتقديم ألعاب القمار.
وترى الكاتبتان أن احتمالية افتتاح صالات لألعاب القمار تأتي في ظِل منافسة شديدة في الخليج، حيث تتنافس الإمارات، التي تُعد مركزًا للأعمال التجارية والسياحة، مع السعودية التي تُسرِّع وتيرة انفتاحها لتصبح الوجهة المُفضَّلة في منطقة تنحرف بعيدًا عن مسار الاعتماد على النفط.
وقد انتقلت الإمارات، التي يُشكِّل الأجانب فيها 90% من إجمالي السكان، بالفعل إلى مجالات أخرى للحفاظ على ميزة المبادرة بالخطوة الأولى قبل السعودية، التي تُعد أكبر دولة خليجية وأكثرها تحفُّظًا.
ومن الجدير بالذكر أن الإمارات غيَّرت نظام عطلة نهاية الأسبوع إلى السبت والأحد هذا العام حتى يزيد اقترابها من الأسواق العالمية، مبتعدة عن عطلة نهاية الأسبوع في يومي الجمعة والسبت التي تنتشر في كثير من الدول الإسلامية.
وعلى مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية عدَّلت الإمارات القوانين واللوائح، بما في ذلك سنُّ قوانين تقضي بعدم تجريم استهلاك الكحول والمعاشرة قبل الزواج.
ويلمح التقرير إلى أن الإمارات اكتشفت طرقًا لتقديم بعض ألعاب الحظ (نوع من القمار) التي يُحتمَل أن تُدِر أرباحًا.
على سبيل المثال أطلق الإماراتيون مسابقة “لوتو” الوطنية عام 2020. واشترى اللاعبون صورة “قابلة للتحصيل” لمنطقة إماراتية أيقونية، مثل برج العرب، مقابل 35 درهمًا (9.50 دولارًا)، ثم دخلوا السحب.
ويسعى اللاعبون الآن للدخول في السحب حتى يشتروا زجاجة مياه، ويُتبرَّع بثمنها للجمعيات الخيرية من أجل الفوز بالجائزة الكبرى التي تبلغ 10 ملايين درهم.
وبحسب التقرير تُعد هذه اللعبة جائزة شرعًا استنادًا إلى وجود “تبادل القيمة” في شراء الصورة القابلة للتحصيل أو الزجاجة.
ويمكن أن يدخل محبو سباقات الخيل في بعض ميادين السباق في الإمارات أيضًا مسابقة “اختيار ستة أحصنة” مجانًا عبر عدد من السباقات للحصول على فرصة للفوز بـ40 ألف درهم.
ومع أن نوايا إمارة رأس الخيمة واضحة، إلا أنه لم تزل هناك أسئلة كبيرة تتعلق بكيفية اتخاذها أو اتخاذ الإمارات الأخرى قرارًا بترخيص ألعاب القمار، حتى يُلغى الحظر من قانون العقوبات الاتحادي، الذي عدَّلته السلطات الإماراتية مؤخرًا في يناير (كانون الثاني).
ويؤكد التقرير أن ولاية رأس الخيمة شدَّدت على أن اللوائح، التي وضعتها إدارة تنظيم الألعاب الترفيهية التي أُنشأت مؤخرًا، ستسعى إلى تشجيع الألعاب المسؤولة.
وقالت هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة: “يُعد القمار شكلًا مسؤولًا من أشكال السياحة الترفيهية التي تأخذ في اعتبارها المعايير المجتمعية والثقافية والاجتماعية”.
ويشير التقرير إلى أن لوائح ألعاب القمار في إمارة رأس الخيمة تُشكَّل من خلال اللوائح التي تُطبَّق في سنغافورة والولايات المتحدة، وفقًا لشركة “وين ريزورتس” وفيتالي أومانسكي، وهو محلل في شؤون صناعة القمار في شركة “سانفورد سي برنستين” الاستثمارية في هونج كونج، والذي يتمتع بدراية تتعلق بالمشروع الذي ستقيمه شركة “”وين ريزورتس”.
وقال أومانسكي: “على غرار سنغافورة، تتطلَّع الإمارات إلى تقديم ألعاب القمار حتى تساعدها في تنشيط السياحة، وقد سمحت البلاد بتقديم ألعاب القمار في شكل منتجع متكامل لهذا الغرض”. وأضاف أومانسكي أنه من المُرجَّح أن تقتصر ألعاب القمار في رأس الخيمة على الأجانب فقط.
وبحسب التقرير يبدو من غير المُرجَّح أن تستحدث الإمارات منتجعات تعتمد بصفة أساسية على إيرادات القمار مع وجود أماكن وطاولات تُشكِّل جزءًا من عرض ترفيهي على نطاق واسع.
وفيما يخص مقترحات شركة “وين”، التي تدخل حاليًا مرحلة التصميم، قال أومانسكي إن “البيئة التنظيمية ستعتمد نوعًا ما على إخفاء صالات القمار، على غرار ما تفعله سنغافورة، بل ربما بدرجة أكبر، ولكنها لن تكون ظاهرة للعيان كما هو الحال في ولاية لاس فيجاس الأمريكية”.
واختتمت الكاتبتان تقريرهما بما قاله كوستا، الرئيس الإقليمي لـ”سيزارز إنترتينمنت”، الذي أوضح أن المنتجعات الكبيرة ذات العلامات التجارية لا تحتاج بالضرورة إلى تقديم ألعاب القمار: “لأنها فنادق رائعة في حد ذاتها”.