خفايا العزوف الشديد من المسلمين في بريطانيا عن السياسة
أبرز موقع أوروبي واقع العزوف الشديد من المسلمين في بريطانيا عن السياسة كنتيجة عن تصاعد رُهَاب الإسلام (الإسلاموفوبيا).
ونشر موقع “يورو إسلام إنفو”، وهو شبكة من الباحثين الذين يجرون أبحاثًا مقارنة حول الإسلام والمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة، تقريرًا يستعرض نتائج استطلاع أجرته “شبكة المسلم العمالي” في حزب العمال البريطاني حول تنامي رُهَاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) داخل الحزب.
وأشار التقرير إلى أن الأحزاب السياسية البريطانية واجهت منذ فترة طويلة انتقاداتٍ بسبب فشلها في التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا داخل منظماتها. وفي مايو (آيار) 2021، صدر التحقيق المستقل في رُهَاب الإسلام داخل حزب المحافظين البريطاني (انظر تقرير يورو – إسلام عن الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين البريطاني: نتائج التحقيق).
وفي حين حثَّ التقرير على إصلاح شامل لإجراءات الشكاوى الحالية وإعادة فتح القضايا التي لا تفي بالمعايير المتوقعة، فإن الاستنتاج القائل إن (مزاعم) العنصرية المؤسسية لا يمكن إثباتها، أدَّى إلى انتقاداتٍ بأن التحقيق قد فشل.
وعلى سبيل المثال جادل سجاد كريم، الذي شغل منصب عضو في البرلمان الأوروبي عن المحافظين، بأن “الطريقة التي جرى بها هذا التحقيق تعني أن التحقيق ليس سوى محاولة لإخفاء القضايا العميقة الجذور بعيدًا عن الأنظار”.
وفي يوليو (تموز) 2021، خسر حزب العمال البريطاني تقريبًا الانتخابات الفرعية في باتلي وسبين (دائرة انتخابية برلمانية في غرب يوركشاير)، والتي تُعد واحدة من أعلى 15 مقعدًا في المملكة المتحدة؛ حيث يتمتع الناخبون المسلمون بأعلى تأثير (انظر تقرير يورو إسلام بعنوان تراجع دعم المسلمين لحزب العمال البريطاني).
وأشار متحدث باسم المجلس الإسلامي في بريطانيا إلى أن تراجع الدعم من الناخبين المسلمين كان سببه “القضايا المحلية وكذلك المواقف العمالية بشأن قضايا مثل فلسطين، وكشمير، والإسلاموفوبيا”.
وفي الآونة الأخيرة اتُّهم حزب العمال بالإسلاموفوبيا بعد عزل ثلاثة مرشحين مسلمين في حي تاور هامليتس من عضوية المجلس، وأفادت تقارير بتعرض هؤلاء المرشحين إلى التمييز لأنهم مسلمون.
وصرح حزب العمال بأنه سيحقق في الحادث باعتباره حادثًا عنصريًّا، وسيتأكد من أن أعضاء لجنة المراجعة قد دُرِّبت تدريبًا سليمًا على تعريف “المجموعة البرلمانية المكونة من جميع الأحزاب المعنية بالمسلمين البريطانيين (APPG)” للإسلاموفوبيا.
كما أشار الموقع إلى أن انخفاض الدعم السياسي لمسلمي المملكة المتحدة لا يقتصر على حزب العمال فحسب.
فوفقًا لمسح أجراه تعداد المسلمين في يناير (كانون الثاني) 2022، فإن واحدًا من كل أربعة مسلمين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا ينفصلون عن السياسة؛ لأنهم يرون أن “جميع الأحزاب الحالية معادية للإسلام بشدة”، ولهذا السبب فهم يفضلون عدم التصويت.
وذكر التقرير أن “شبكة المسلم العمالي (LMN)” نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 تقريرًا بعنوان “الإسلاموفوبيا وتجربة المسلمين”، وهو أكبر استعراض لآراء أعضاء الحزب المسلمين حتى الآن.
ووجد التقرير أن عضوًا واحدًا من كل ثلاثة أعضاء قد شهد على نحو مباشر الإسلاموفوبيا داخل الحزب، وأن عضوًا واحدًا من كل أربعة أعضاء مسلمين قد عانى مباشرة من الإسلاموفوبيا داخل الحزب، وما يقرب من نصف الأعضاء المسلمين لا يعتقدون أن حزب العمال يأخذ قضية الإسلاموفوبيا على محمل الجد.
وقد وافق على هذه النتائج قيادة حزب العمال بما في ذلك السير كير ستارمر (زعيم حزب العمال)، وأنجيلا رينور (نائب الرئيس)، والأمين العام ديفيد إيفانز. وشكروا الشبكة على إجراء التقرير، وقالوا:
“الإسلاموفوبيا ليس لها مكان في حزبنا أو مجتمعنا، ونحن ملتزمون باستئصالها. ونتطلع إلى العمل مع شبكة المسلم العمالي لتنفيذ توصياتهم، وسنلتقي بهم لمناقشة الخطوات القادمة في معالجة آفة الإسلاموفوبيا”.
وبعد مرور عام على نشر التقرير، أجرت الشبكة بحثًا جديدًا وحديثًا حول تصورات أعضاء حزب العمال المسلمين وتجاربهم حول الإسلاموفوبيا داخل الحزب.
وتظهر النتائج أن تجارب الإسلاموفوبيا داخل حزب العمال قد استمرت وأن خيبة الأمل داخل الحزب بشأن القدرة على التعامل مع المشكلة قد ازدادت.
وأوضح الباحث أنه ولأغراض الاستطلاع تستخدم شبكة المسلم العمالي تعريف المجموعة البرلمانية المكونة من جميع الأحزاب المعنية بالمسلمين البريطانيين للإسلاموفوبيا، والذي تبناه حزب العمال أيضًا:
“الإسلاموفوبيا تضرب بجذورها في العنصرية وهي نوع من العنصرية التي تستهدف التعبيرات عن كينونة المسلم أو كينونة المسلم المتصوَّرة”.
ويضيف تقرير شبكة المسلم العمالي أنه بالاستخدام الصحيح لأهداف المجموعة البرلمانية المعنية بالمسلمين البريطانيين، فإن هذا يساعد في فهم تجارب الأعضاء المسلمين، وسيساعد في إثراء تحليلهم وتوصياتهم.
ومن أجل جمع البيانات، استُخدمت كل من الأساليب النوعية (في شكل مقابلات هاتفية) والكمية (في شكل استطلاع عبر الإنترنت) على مدى ثلاثة أسابيع من (5 – 24 يناير 2022). وأبقى الاستطلاع جميع الردود مجهولة الهوية.
وكان يُسأل المستطلعون في البداية عن كونهم مسلمين أم لا، وعلاقتهم بحزب العمال. ويُسمح فقط للمستطلع ـ الذي عرَّف نفسه بأنه مسلم، وعضو أو مؤيد لحزب العمال ـ بإكمال بقية الاستطلاع.
وقدرت البيانات التي جمعها حزب العمال وشبكة المسلم العمالي عام 2019 أن هناك ما بين 10 آلاف – 20 ألف عضو مسلم في الحزب البريطاني.
وتذكر شبكة المسلم العمالي أيضًا أنها تدرك التباين بين الأعضاء المسلمين؛ إذ توجد مجموعة واسعة من الآراء ووجهات النظر والتجارب بين المسلمين في حزب العمال، وفي جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وفي محاولة لضمان انعكاس هذا التنوع في التقرير، بذلت شبكة المسلم العمالي قصارى جهدها خلال كل مرحلة من مراحل المشروع لجمع مجموعة واسعة من الآراء والتجارب.
ويوضح التقرير أن النتيجتين الأوليين تسألان المستطلعين مباشرةً عن آرائهم إزاء استجابة حزب العمال بعد صدور تقرير شبكة المسلم العمالي لعام 2020.
وبادئ ذي بدء يسألون المستطلعين: “منذ نشر شبكة المسلم العمالي تقرير عام 2020 الذي جاء بعنوان: “الإسلاموفوبيا وتجربة المسلمين”، كيف تعتقد أن حزب العمال قد تعامل مع قضية الإسلاموفوبيا”؟
وأجاب 13% فقط ممن أكملوا الاستطلاع لصالح تعامل حزب العمال مع الإسلاموفوبيا، بينما يعتقد أكثر من نصف المستطلعين (59%) أن حزب العمال لم يتعامل مع هذه القضية.
وضمن هذه النسبة، يرى 40% من المستطلعين أن تعامل حزب العمل مع الإسلاموفوبيا كان “سيئًا للغاية”. كما سجل 24% من المستجيبين ردًا محايدًا من خلال الإشارة إلى أن حزب العمال لم يتعامل مع الإسلاموفوبيا على نحو جيد أو سيئ.
ويركز السؤال الثاني على تصدي زعيم حزب العمال كير ستارمرز على وجه التحديد للإسلاموفوبيا بعد رده على تقرير 2020. ويقول السؤال:
في نوفمبر 2020 استجاب زعيم حزب العمال السير كير ستارمر في تقرير “الإسلاموفوبيا وتجربة المسلمين” بالقول “إننا نأخذ الإسلاموفوبيا على محمل الجد، ونلتزم تمامًا بالقضاء عليها”.
وخلال العام الذي أعقب نشر التقرير نشر سؤال “ما مدى جودة تصدي السير كير ستارمر للإسلاموفوبيا بصفته زعيمًا لحزب العمال؟”.
أسفرت الردود عن هذا السؤال نتائج سلبية أكثر من السؤال الأول. ويعتقد 11% فقط من المجيبين المسلمين أن كير ستارمر تعامل مع الإسلاموفوبيا “على نحو جيد”، أو “جيد جدًا”.
وعلى النقيض من ذلك أفاد ما يقرب من ثلثي المستجيبين (64%) أن كير ستارمر يتعامل مع القضية “على نحو سيئ تمامًا”، أو “سيئ للغاية”، إذ صوَّت 46% من هذه النسبة بـ”على نحو سيئ للغاية”.
وتُظهر هذه الإحصائيات اختلافًا في التصورات السلبية تجاه كير ستارمر بصفته زعيمًا لحزب العمال في التعامل مع قضية الإسلاموفوبيا، مقارنةً بحزب العمال ككل.
وأضاف أن القسم الثاني من النتائج يركز على “التصورات”. وفي هذا القسم يُسأل الأعضاء المسلمون إلى أية درجة يوافقون على العبارات المطروحة في الاستطلاع.
وهذه هي الأسئلة نفسها التي طُرحت في تقرير عام 2020، وتقارن شبكة المسلم العمالي بين الإجابات.
العبارة 1: “أعتقد أن حزب العمال يمثل الجالية المسلمة تمثيلًا فعَّالًا”
وتظهر الردود على هذه العبارة انخفاضًا في التصورات الإيجابية عن قدرة حزب العمال على تمثيل الجالية المسلمة. وعلى سبيل المثال في عام 2020 وافق 22% من الأعضاء المسلمين على أنهم ممثلون، مقارنةً بـ10% عام 2022.
كذلك كانت هناك زيادة كبيرة في نسبة من لا يوافقون على أن حزب العمال يمثلهم، فقد أفاد 39% أنهم “لا يوافقون بشدة” على أن الحزب يمثلهم، وهي زيادة بنسبة 23% منذ عام 2020.
العبارة 2: “أشعر أن قيادة حزب العمال تمثلني جيدًا”.
وعلى غرار الاتجاهات في السؤالين الأوليين اللذين طُرحا في الاستطلاع، والمقدمين حديثًا في تقرير عام 2022، جاءت التصورات المتعلقة بقيادة حزب العمال أقل تفضيلًا.
وكانت هناك زيادة بنسبة 21% في المستطلعين الذين “يختلفون بشدة” مع مقولة إن القيادة العمالية تمثلهم؛ مما رفع العدد الإجمالي إلى ما يقرب من نصف (47%) الذين شملهم الاستطلاع.
وكان هناك انخفاض طفيف في أعداد أولئك الذين “يوافقون بشدة”، أو “يوافقون” على أنهم شعروا أن القيادة تمثلهم، ولكن هذه الأرقام عام 2020 كانت منخفضة بالفعل، مع 15% “يوافقون”، و7% “يوافقون بشدة” على هذه العبارة في السابق.
العبارة 3: “أثق في أن قيادة حزب العمال ستتصدى للإسلاموفوبيا بفعالية”
مرةً أخرى في أعقاب الاتجاه في تراجع أولئك الذين يوافقون، أو يوافقون بشدة، هناك انخفاض بنسبة 4% في من يوافقون بشدة ويثقون بالقيادة، وتراجع بنسبة 16% في من يوافقون، وهو ما يترك 16% فقط من إجمالي المستجيبين الذين يثقون في تصدي قيادة الحزب للإسلاموفوبيا.
وفي حين أن هناك أيضًا انخفاضًا بنسبة 10% في نسبة الذين لا يتفقون مع العبارة، فإن هناك زيادة بنسبة 23%؛ مما يعني أن ما يقرب من نصف المستجيبين الآن لا يوافقون بشدة على أن القيادة ستعالج بفعالية قضية الإسلاموفوبيا داخل الحزب.
العبارة 4: “أعتقد أن فريق حكومة الظل يمثل الجالية المسلمة تمثيلًا فعالًا”.
ويلفت التقرير إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع المستجيبين لا يعتقدون ما جاء في العبارة المذكورة آنفًا، مع 45% (زيادة بنسبة 19% منذ عام 2020) من المستجيبين لا يوافقون بشدة، و26% لا يوافقون.
وهذا يترك ما مجموعه 11% فقط من المستجيبين يوافقون، أو يوافقون بشدة، مع 18% ما زالوا محايدين. ولم يرد حزب العمال بعد على تقرير شبكية المسلم العمالي الأخير، بحسب ما يختم التقرير.