الغارديان: مع انتشار الجوع.. هل المصريون مستعدون للتخلي عن رئيسهم؟
ناقشت صحيفة الغارديان البريطانية تساؤلا محوريا تشهده مصر وهو هل المصريون مستعدون للتخلي عن رئيسهم مع انتشار الجوع وتدهور الأوضاع الاقتصادي.
وذكرت الصحيفة أنه إذا كان كل ما فعله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هو الإعلان عن حملته لما سيكون ولاية ثالثة غير دستورية، لكان قد جذب انتباهًا أقل بكثير.
لم يكن هناك أي شك أبدًا في أن السيسي سيسعى إلى تمديد بقاءه في السلطة لتسع سنوات ولا توجد فرصة تقريبًا الان بأنه سيخسر الانتخابات، لكن إعلانه الأخير سبقه (حكاية الوطن)، مؤتمر لمدة ثلاثة أيام لعرض إنجازاته الرئاسية، حيث أدلى فيه السيسي ببعض التعليقات الغريبة.
قال للحاضرين يوم الأحد “إذا كان التقدم والازدهار والتنمية ثمنه الجوع والحرمان” ثم تابع “يا مصريين، لا تترددوا أمام التقدم! لا تجرؤوا على قول: “من الأفضل أن نأكل”.
كانت كلمات السيسي إشارة إلى ركيزتين أساسيتين ميزت إدارته: ميله إلى مشاريع ضخمة مليارات الدولارات وأسوأ أزمة اقتصادية في الذاكرة المصرية الحية.
منذ توليه السلطة في عام 2014، شرع السيسي في إطلاق مشاريع إنشائية واسعة النطاق وقد عقد خلال عطلة نهاية الأسبوع مؤتمرا في العاصمة الإدارية الجديدة التي تبلغ تكلفتها 58 مليار دولار، والتي تم البدء ببنائها في عام 2015 لكنها لا تزال شاغرة إلى حد كبير.
وخلال الفترة ذاتها، دفع التضخم – الذي وصل إلى أعلى مستوى له 37.9٪ في أغسطس – حوالي ثلث المصريين إلى دائرة الفقر.
“والله”، واصل السيسي، “إذا كان ثمن التقدم والرخاء أننا لا نأكل أو نشرب كما يفعل الآخرون، فلن نأكل أو نشرب”.
خلال ساعات، أصبحت مقاطع الفيديو لخطابه هذه تتصدر المواضيع الشائعة على اكس، منصة وسائل التواصل الاجتماعية التابعة لإيلون ماسك (المعروفة سابقًا باسم تويتر).
وبحلول يوم الأحد، تمت إزالتها “استجابةً لتقرير من مالك حقوق الطبع والنشر”، حيث يبدو أن القنوات التلفزيونية المصرية أعادت تحميل لقطات من المؤتمر بعد حذف التعليقات المسيئة.
لم تكن تعليقات السيسي بعض الهفوات الانتخابية، فقد كان يردد نفس الرسالة التي كان دائمًا ما يقولها، لكنها لم تعد تلهم الدعم له كما كان الحال في السابق.
ليس السيسي هو من تغير، ولكن مصر. منذ توليه السلطة بعد انقلاب عسكري في عام 2013، سعى السيسي لتقديم نفسه على أنه الجنرال السخي، المتردد في تحمل مسؤولية السلطة لخدمة بلده؛ الرئيس المستعد لعدم الشعبية، وعلى استعداد لاتخاذ قرارات صعبة وتقديم حقائق قاسية.
في خطاباته، يتحدث ببطء وهدوء بالعامية المصرية. وهو مندفع ثم يتوقف في منتصف الخطاب للابتسام في إشارة إلى وصوله الى المسافة الوسطى من كلمته.
وكالعادة، رسالته هي أن يشد الناس أحزمتهم ويثقوا في حكومتهم.
أصبح خطاب ألقاه عام 2017 يتردد شعبيًا عندما طلب من المصريين: “هل قال لك أحد مطلقًا مدى فقرك؟ دعني أقول لك: نحن فقراء جدًا. فقراء للغاية، بالفعل”.
كان الوعد الذي قطعه السيسي عند توليه منصبه هو: تضحيات قصيرة الأجل من أجل استقرار طويل الأجل وكانت صفقة قبلها الكثيرون.
وكان توسيع قناة السويس، الذي اكتمل في عام 2015 بتكلفة 8 مليارات دولار، أول مبادراته الجديدة، والتي أشعلت خيال الناس بشأن ما كان ممكنًا – على الرغم من أن المحللين يعتقدون أن تأثيرها الاقتصادي الفعلي كان ضئيلًا.
في الأيام الأولى من رئاسته، أعلن السيسي أنه سيشرف على 4 ملايين فدان من الأراضي الزراعية الجديدة في الصحراء، وسيبني 40 مدينة وستضم العاصمة الإدارية الجديدة وحدها أطول مبنى في أفريقيا، ومطارًا أكبر من هيثرو، وأكبر كنيسة في الشرق الأوسط.
لبناء هذه “الجمهورية الجديدة”، ستقوم الحكومة بخفض الإعانات وستصبح الحياة مؤقتًا أكثر تكلفة، ولكن على المدى الطويل ستزدهر مصر.
لكن بدلاً من ذلك، أصبح المصريون أكثر فقرًا.
ارتفع سعر الدولار من 6.95 جنيه مصري إلى 30.9 وارتفع التضخم الغذائي إلى 60٪ وقفز الدين الخارجي من 40 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليار دولار ومن المتوقع خفض قيمة العملة مرة أخرى بعد الانتخابات، ما من شأنه أن يخفض مستويات المعيشة أكثر.
ومع ارتفاع الأسعار، انخفضت شعبية السيسي.
يقول المحلل السياسي ستيفن كوك، بعد أن انتشر اسم السيسي في جميع أنحاء البلاد لمدة تسع سنوات، أصبح من المستحيل الآن فصل نفسه عن الأزمة الاقتصادية المستمرة،
وبحسب كوك أنه بعد أصبح جميع أعضاء الإخوان المسلمين منفيين أو مسجونين أو قتلى لم يعد هناك أحد لتحمل اللوم كما أصبح السيسي “غير محبوب بوضوح”.
تدل سرعة اختفاء تعليقات الأحد من الإنترنت على مدى إدراك السيسي لذلك.
لكن ما يزال الإعلان الذي ادلى به الاحد مسبوقًا بالمسيرات التقليدية، التي يُزعم أنها شعبية، للضغط على الرئيس.
بغض النظر عمن نظمها، في عام 2014، كان هناك طاقة في هذه الفعاليات، ولكن مع كل دورة انتخابية، أصبحت أكثر روتينية، وحضرها مسؤولو الحكومة والأطفال المدرسيون وفرق الكشافة الذين نقلوا في حافلات صغيرة، أو مجرد المارة.
بحلول مساء الاثنين، تحول واحد منهم على الأقل إلى احتجاج.
فبعد إعلان السيسي أنه “سيستجيب للدعوة” للترشح لولاية ثانية، قامت مجموعات من الرجال في مدينة مرسى مطروح الساحلية بإسقاط لافتات الرئيس، بتصفيق من الحشد، وأحرقوها في الشارع.
يظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الحضور في المسيرة يرددون هتافًا شعبيًا من احتجاجات عام 2011: “الشعب يريد إسقاط النظام”.