دور أوروبي مطلوب لمنع تأجيج صراع إقليمي في الشرق الأوسط
أبرز المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، أهمية بلورة دور أوروبي فاعل لمنع تأجيج صراع إقليمي في الشرق الأوسط في ظل تداعيات الحرب الفلسطينية الإسرائيلية.
وقال المجلس الأوروبي في تحليل موقف إنه يتعين على الأوروبيين أن يركزوا على ضمان عدم خروج الحرب عن نطاق السيطرة وربما تأجيج صراع إقليمي.
وذكر أن الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ضد إسرائيل والعمليات العسكرية الإسرائيلية الانتقامية يمثل نقطة تحول هامة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومع اجتياح المقاتلين الفلسطينيين للمراكز السكانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية للمرة الأولى منذ تأسيس الدولة وسعي إسرائيل إلى الانتقام العسكري، فإن الهجوم الوحشي يهدد بالتصعيد أكثر.
والآن هناك حرب أعمق قادمة، وهي حرب يمكن أن تشعل الصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وتعيق التطبيع العربي مع إسرائيل.
وإن التوقعات الحالية لدبلوماسية عدم التصعيد تكاد تكون معدومة، ومن غير المحتمل أن يتبع أي من الطرفين مسارًا دبلوماسيًا أو يعود إلى الوضع السابق.
كيف ينبغي للأوروبيين أن يستجيبوا؟
يتعين على الأوروبيين أن يركزوا على ضمان عدم خروج الحرب عن نطاق السيطرة وربما تأجيج صراع إقليمي. يجب عليهم:
إظهار التضامن مع الإسرائيليين ولكن التأكيد على أن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس يجب أن يتوافق مع القانون الإنساني الدولي.
سيكون للغزو البري الكامل والهجمات غير المتناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين عواقب بعيدة المدى ومزعزعة للاستقرار بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك زيادة الدعم الأوسع للمقاومة الفلسطينية المسلحة والمخاطرة بتورط حزب الله.
والعمل مع أولئك الذين لديهم بعض النفوذ على حماس، وخاصة مصر وقطر، للتحذير بالمثل من استهدافها المتعمد واعتقال الإسرائيليين ــ وهو ما يتعارض أيضاً مع الشريعة الإسلامية.
دعم الجهود الرامية إلى تسهيل الإفراج الفوري عن الرهائن المدنيين وفتح القنوات الإنسانية لدعم سكان غزة.
العمل على منع انتشار العنف في إسرائيل والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية).
وعلى الأوروبيين أن يعارضوا أي جهد يبذله السياسيون الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون لاستخدام الأحداث الجارية كغطاء لمتابعة أجندة إسرائيل الكبرى، أو جهود ميليشيات المستوطنين للانتقام من الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية.
الاعتراف بأن السلطة الفلسطينية لا تزال هامشية تماما للأحداث الجارية.
إن دفع الرئيس محمود عباس لتضييق الخناق على حماس وغيرها من الجماعات سوف يفشل، وفي السياق الحالي قد يؤدي بسهولة إلى التعجيل باندلاع حرب أهلية فلسطينية في الضفة الغربية، والتي سوف تخسرها السلطة الفلسطينية.
ويتعين على الحكومات الأوروبية أيضاً أن تقاوم التدابير ذات النتائج العكسية، بما في ذلك قطع تمويل السلطة الفلسطينية وغيره من أشكال الدعم المالي للفلسطينيين، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تلحق بالأراضي المحتلة وزيادة نفوذ الجماعات المسلحة.
التركيز على تحذير جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، من توسيع الصراع إلى ساحات أخرى، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي خطير.
ويتعين على الأوروبيين أن يعملوا على تعزيز قدرات ووجود قوات اليونيفيل ـ بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة في لبنان ـ على طول الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
وللمضي قدماً، يتعين على الأوروبيين أن يعيدوا تقييم استراتيجي لنهجهم في التعامل مع الصراع الذي طال أمده، حيث أن العنف الحالي لا يحدث في الفراغ.
يجب على الأوروبيين العمل مع الولايات المتحدة والشركاء العرب لرسم رؤية سياسية تعترف بشكل هادف بالديناميكيات الأساسية التي تغذي التصعيد الحالي وتستجيب لها.
وهذا لا يمكن أن يستبعد الفلسطينيين الذين يعتقدون أن التطبيع الإقليمي مع إسرائيل يمكن أن يضمن السلام على المدى الطويل.
إن أي حل مستدام يجب أن يتضمن مساراً سياسياً إسرائيلياً فلسطينياً مركزياً يضمن حقوق الإنسان وتقرير المصير للفلسطينيين.
وتظهر التطورات الأخيرة أن أياً من الطرفين لا يستطيع البدء بالمسار السياسي المطلوب. ويتعين على الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك الأوروبيون، أن تقوم على وجه السرعة بإعادة المشاركة في عملية السلام المتجددة وتعزيزها.