تحليل أوروبي: أين تفشل خطة ترامب للسلام في غزة؟

حذر تحليل أصدره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية من ثغرات ضخمة في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة وإنهاء حرب إسرائيل المستمرة منذ عامين.
وأبرز التحليل أنه بفضل المشاركة الأوروبية والعربية، تُحقق خطة ترامب للسلام في غزة معظم أساسياتها: فهي ترفض التهجير القسري لسكان غزة وضم إسرائيل للقطاع، وتقبل بدور مستقبلي للسلطة الفلسطينية، وتُقدم دعمًا حذرًا لحق الفلسطينيين في تقرير المصير – وهي كلها تحولات رئيسية في السياسة الأمريكية.
وإلى جانب إنهاء الحرب بشكل كامل وإطلاق سراح الأسرى، تتصور الخطة أيضًا انسحابًا إسرائيليًا كاملًا ومرحليًا من غزة، ونزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى.
لكن التحليل تحدث عن وعد ناقص في خطة ترامب وثغرات تهدد بفشلها، أهمها:
غياب الجداول الزمنية والضمانات التنفيذية
رغم أن الخطة تُقدِّم ملامح إيجابية، مثل رفض التهجير القسري والقبول المبدئي بدورٍ للسلطة الفلسطينية، فإنها لا تضع أي جدول زمني ملزم أو ضمانات قابلة للتطبيق.
هذا الغموض يمنح إسرائيل حرية المماطلة في تنفيذ الانسحاب أو ربطه بشروط أمنية غير محددة، كما حدث في الضفة الغربية بعد اتفاقيات أوسلو.
النتيجة: تتحول الخطة إلى عملية مفتوحة بلا نهاية، تُبقي غزة تحت سيطرة أمنية إسرائيلية غير مباشرة.
- تعديلات إسرائيلية في اللحظات الأخيرة تفرغ الخطة من مضمونها
في اللحظات الأخيرة، أضافت إسرائيل إلى النص بنودًا غامضة حول “نزع سلاح غزة” و”إصلاح السلطة الفلسطينية”، ما سمح لها فعليًا بإعادة تعريف الشروط بعد بدء التنفيذ.
كما نصت التعديلات على بقاء “منطقة أمنية عازلة” تمثل أكثر من 17% من مساحة القطاع إلى أن تعتبره إسرائيل “آمنًا تمامًا”.
النتيجة: يُمكن لإسرائيل استخدام هذه الصياغات الفضفاضة لتأجيل الانسحاب إلى أجل غير مسمى، أو الاحتفاظ بمناطق استراتيجية في رفح وجباليا وأراضي غزة الزراعية.
- تغييب السلطة الفلسطينية وإضعاف الشرعية السياسية
الخطة، بنسختها المعدلة، استبعدت السلطة الفلسطينية من الدور التنفيذي، وهو ما أغضب القاهرة والرياض والدوحة، وأثار رفضًا عربيًا واضحًا للمشاركة في أي بعثة حفظ سلام لا تكرس سيادة فلسطينية.
النتيجة: تفقد الخطة الشرعية العربية والدولية اللازمة، وتتحول من “حل سياسي” إلى “ترتيب أمني” تفرضه واشنطن وتل أبيب دون شريك فلسطيني حقيقي.
- تجاهل جذور الأزمة: الاحتلال والاستيطان
تتعامل الخطة مع غزة كـ”قضية أمنية”، وليس كجزء من القضية الفلسطينية الأشمل المرتبطة بالاحتلال والحقوق الوطنية.
فلا يوجد أي التزام بوقف الاستيطان في الضفة الغربية، أو رفع العقوبات المالية عن السلطة، أو الاعتراف بالحق في الدولة الفلسطينية.
النتيجة: تبقى جذور الصراع قائمة، ما يجعل أي هدنة أو انسحابٍ مؤقت هشًا وقابلًا للانهيار عند أول أزمة.
- استحالة نزع السلاح الكامل من غزة
الشرط الإسرائيلي بنزع سلاح “جميع الفصائل” يجعل الخطة غير واقعية سياسيًا وأمنيًا.
فحتى لو وافقت قيادة حماس على ذلك، فمن المرجح أن ترفض الفصائل الأصغر والأكثر تشددًا، مما يخلق حالة من الفوضى الأمنية بدلًا من الاستقرار.
النتيجة: يتحول نزع السلاح إلى ذريعة لتأجيل الانسحاب الإسرائيلي أو لإعادة الاحتلال المباشر بذريعة “استكمال المهمة الأمنية”.
- ضعف الدعم الدولي واحتمال الانقسام الإقليمي
فوجئت العواصم العربية والأوروبية بالتعديلات الإسرائيلية، ورفضت مصر والسعودية وقطر المشاركة دون التزامات واضحة بسيادة فلسطينية.
وفي المقابل، تُصر واشنطن وتل أبيب على نهج “خذها أو اتركها”، وهو ما قد يؤدي إلى فشل الخطة في الحصول على دعم إقليمي ضروري لأي تنفيذ ميداني.
النتيجة: تبقى الخطة مشروعًا أمريكيًا–إسرائيليًا أحادي الجانب، لا يحظى بثقة الأطراف المعنية.
وخل التحليل إلى أن خطة ترامب للسلام في غزة قد تنتهي إلى فشل مبكر رغم المكاسب الظاهرية كونها تفشل في معالجة الأسباب البنيوية للصراع: لا ضمانات لانسحاب كامل، ولا جدول زمني واضح، ولا التزام بحل الدولتين، ولا شريك فلسطيني شرعي في التنفيذ.
وهكذا، فإنها تكرر نمط اتفاقيات سابقة تُجمِّد الصراع بدلًا من حله، وتُبقي غزة تحت إدارة أمنية متعددة الأطراف دون سيادة حقيقية.