السعودية تقلص مشاريعها في خضم انخفاض صفقات الاستثمار الأجنبي
انخفضت صفقات الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2021، مما يسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه المملكة في محاولة جذب المستثمرين والشركات الأجنبية.
وأفادت وكالة بلومبرج نقلاً عن تقرير لوزارة الاستثمار السعودية أن المملكة أبرمت 64 صفقة استثمارية في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. ويمثل عدد الصفقات النهائية انخفاضًا بنسبة 40 بالمائة عن العام الماضي في هذا الوقت.
وبحسب موقع Middle East Eye البريطاني، يسلط انخفاض المعاملات الضوء على التحدي الذي تواجهه المملكة العربية السعودية في سعيها لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط.
وتوافد المصرفيون والمديرون التنفيذيون الغربيون على المملكة على أمل الاستفادة من صندوق الثروة السيادية الخاص بها لتمويل وتحصيل الرسوم من الصفقات، لكن المملكة العربية السعودية تحتاج إلى شركات أجنبية للاستثمار داخل المملكة.
أثبت المستثمرون العالميون ترددهم في دعم التحول الاقتصادي في المملكة العربية السعودية، تاركين معظم العبء الثقيل لصندوق الاستثمارات العامة الذي تبلغ قيمته 940 مليار دولار، والذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ومع ذلك، اضطرت المملكة العربية السعودية إلى تقليص بعض مشاريعها الأكثر طموحًا.
لقد تم تقليص نطاق مشروع نيوم، وهو مشروع ضخم بقيمة 1.5 تريليون دولار، والذي يدعي المنظمون أنه سيكون في نهاية المطاف 33 ضعف حجم مدينة نيويورك وسيشمل مدينة بطول 170 كيلومترًا على خط مستقيم.
فبدلاً من أن يعيش 1.5 مليون شخص في المدينة بحلول عام 2030، يتوقع المسؤولون السعوديون الآن أن يكون عدد السكان أقل من 300 ألف نسمة بحلول ذلك الوقت.
وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يكتمل 2.4 كيلومتر فقط من المدينة التي يبلغ طولها 170 كيلومترًا بحلول عام 2030.
وتريد المملكة العربية السعودية جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنويًا بحلول عام 2030.
وبينما تفتح اقتصادها وتمضي قدمًا في الإصلاحات الاجتماعية، فقد شهدت المزيد من الاهتمام من الخارج، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 16% في الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالعام السابق.
لكن إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المقدر للمملكة لعام 2023 والبالغ 19 مليار دولار هو أقل بكثير من المستوى الذي كانت تهدف إليه.
وفي خطوة اعتبرها المحللون علامة على أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى توليد المزيد من الأموال لرؤية 2030، قالت شركة النفط الحكومية أرامكو إنها ستبيع حوالي 12 مليار دولار من الأسهم.
سجل الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو لعام 2019 رقما قياسيا وعززت الشركة أرباحها لجذب المشترين. ولأن الدولة السعودية تمتلك حوالي 82% من شركة أرامكو، فإن توزيعات الأرباح المرتفعة تمنحها أيضًا تدفقًا نقديًا.
ووفقا لوزارة الاستثمار السعودية، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أكبر المستثمرين في المملكة، تليها الإمارات العربية المتحدة ومصر وسنغافورة.
والجدير بالذكر أن الاستثمارات تركزت بشكل رئيسي في الابتكار وريادة الأعمال والرياضة. بعد عقود من الثقافة التقييدية التي تسترشد بتفسير محافظ للغاية للإسلام، أصدرت المملكة العربية السعودية قوانين تسمح بالاختلاط بين الجنسين وتخفيف قواعد اللباس.
ويستثمر صندوق الاستثمارات العامة في رياضات مثل الجولف وكرة القدم وبناء منتجعات شاطئية على طول البحر الأحمر.
لكن المملكة لديها طموحات تتجاوز السياحة. فمثلها كمثل الدول الأخرى، تريد الصين الحصول على موطئ قدم في استخراج المعادن المهمة وتطوير التصنيع والعلوم ذات التقنية العالية.
وفي الربع الأول من هذا العام، تلقت المملكة استثمارًا واحدًا فقط في كل من التكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والزراعة. ولم تكن هناك استثمارات في التعدين وأشباه الموصلات.
وشهدت السعودية مضاعفة عدد تراخيص الاستثمار الممنوحة في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام السابق. لكن الاهتمام لم يأت من المستثمرين الأثرياء في الغرب الذين كانت المملكة تتودد إليهم. وحصلت الهند وسوريا واليمن ومصر على أكبر عدد من التراخيص.
حققت السعودية المزيد من النجاح في إقناع الشركات العالمية بإنشاء مقرات إقليمية لها في المملكة. وذكرت صحيفة سعودي جازيت يوم الاثنين أن 127 شركة دولية نقلت مقارها الإقليمية إلى المملكة خلال الربع الأول من عام 2024، مما يمثل زيادة بنسبة 477 بالمائة على أساس سنوي.
وقالت السلطات السعودية إن الشركات تحتاج إلى مقر إقليمي في المملكة للتأهل للحصول على العقود الحكومية.