Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

حملة ترامب لتلميع محمد بن سلمان.. المال مقابل النفوذ

سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما وصفته تلميع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على قاعدة المال مقابل النفوذ والاستثمار مقابل الشرعية.

وقالت الصحيفة إن زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع، جرت بعد سبع سنوات كاملة من الانقطاع، في سياق حملة ترويجية ناضجة هدفها إعادة تأهيل صورته دوليًا، وتقديمه كزعيم شرعي، مقبول، وشريك استراتيجي لواشنطن، رغم تاريخه المثقل باتهامات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وعلى رأسها جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

وأبرزت الصحيفة أن هذه الحملة تلقت رعاية خاصة من ترامب، الذي فرش السجاد الأحمر للأمير منذ لحظة وصوله، في استعراض واضح لولائه الشخصي والسياسي.

وأشارت إلى أنه منذ اليوم الأول، بدا أن زيارة الأمير السعودي ليست مناسبة بروتوكولية عادية، بل حدث مصمم بعناية لإعادة تسويق محمد بن سلمان داخل المؤسسات السياسية والمالية والإعلامية الأمريكية.

إذ أن ترامب استقبل ضيفه بغداء في البيت الأبيض، تلاه عشاء رسمي حضره كبار المسؤولين في الإدارة والكونغرس ونخب المال والأعمال.

وفي اليوم التالي ظهر الرجلان جنبًا إلى جنب في قمة استثمارية أمريكية ـ سعودية في مركز كينيدي. هذا الزخم المنظَّم ليس مجرد احتفاء دبلوماسي، بل خطوة مدروسة في إطار عملية تلميع واسعة.

واللافت أن ترامب يقدم للأمير السعودي اليوم ما يشبه “جولة انتصارية”، رغم أن الرجل نفسه كان موضع إدانة واسعة في واشنطن بعد اغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018—الجريمة التي كشفتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية وأكّدت صلة مباشرة لمحمد بن سلمان بها.

ورغم أن هذا الحدث كان كفيلًا بجعل الأمير منبوذًا عالميًا، فإن ترامب في ولايته الأولى تكفّل بحمايته من العقوبات، ومنع الكونغرس من اتخاذ إجراءات حقيقية بحقه. واليوم، بعد عودة ترامب إلى السلطة، يستأنف دعم الأمير بلا تردّد.

وبحسب الصحيفة فإن فهم دوافع ترامب لمساندة محمد بن سلمان بهذا الشكل، يتطلب النظر وراء المشهد الرسمي إلى العلاقات المالية والشخصية التي تربط الطرفين.

فبعد هجوم السادس من يناير 2021 على مبنى الكونغرس، تراجع عدد كبير من البنوك والشركات عن التعامل مع إمبراطورية ترامب التجارية، ما ألحق خسائر كبيرة بعلامته.

في تلك اللحظة الحساسة، كانت السعودية—بمؤسساتها وصناديقها السيادية—هي الجهة التي مدت ترامب بطوق نجاة اقتصادي عبر صفقات عقارية وشراكات في مجال الجولف ومشاريع ترفيهية، أعادت تنشيط ممتلكاته ووفرت له تدفقات مالية كان بأمسّ الحاجة إليها.

وأكدت الصحيفة أن هذا الارتباط الواضح بين المال والسياسة يفسّر جزءًا مهمًا من الحفاوة المبالغ فيها التي يلقاها ابن سلمان في واشنطن اليوم.

فترامب لا يكتفي بالمديح العلني للأمير السعودي، بل يمنحه أيضًا حزمة من المكافآت السياسية والعسكرية: ضمانات أمنية، صفقات تسليح ضخمة، تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية، وصفقات شراء لطائرات F-35 المتطورة.

واعتبرت الصحيفة أن هذه الإجراءات ليست مجرد مجاملات، بل عناصر أساسية في حملة إعادة تقديم الأمير كشريك لا غنى عنه لأمريكا.

وعلى الرغم من محاولات ترامب التركيز على الشراكة الاقتصادية، فإن الجانب السياسي حاضر بقوة، خصوصًا ما يتعلق بملف التطبيع السعودي – الإسرائيلي. ترامب يسعى لتحقيق “صفقة تاريخية” بين المملكة وإسرائيل، يراها طريقًا مختصرًا إلى جائزة نوبل للسلام.

ومع أن الأمير السعودي جدّد موقفه الدبلوماسي الرافض للتطبيع دون إقامة دولة فلسطينية، فإن مجرد خوض هذه النقاشات يعطي ترامب ورقة سياسية إضافية تُظهره كصانع اتفاقات كبرى.

وما يزيد من حدة الجدل حول زيارة محمد بن سلمان هو أن كثيرًا من الامتيازات التي يحصل عليها من البيت الأبيض مرتبطة بشكل مباشر بالدعم المالي السعودي لأنشطة ترامب التجارية.

على سبيل المثال، استضافت ملاعب ترامب بطولات لجولة LIV Golf المدعومة سعوديًا، وهو ما أنعش منشآته بعد فترة ركود طويلة. هذه التدفقات المالية أثارت تساؤلات قانونية حول احتمال مخالفتها لبند “المكافآت الأجنبية” في الدستور الأمريكي، الذي يمنع الرئيس من تلقي أموال من حكومات أجنبية.

كما لعب صهر ترامب، جاريد كوشنر، دورًا محوريًا في توثيق العلاقة مع الأمير خلال السنوات الماضية، وعزّز حالة الاعتماد المتبادل بين الطرفين بعد أزمة خاشقجي.

ومع عودة ترامب للسلطة وتراجع القيود السياسية والمؤسساتية على تصرفاته، بات المجال مفتوحًا أمام توسع غير مسبوق في هذا النوع من المعاملات المشبوهة التي تجمع بين النفوذ السياسي والمصلحة التجارية.

في المحصلة، لا يمكن فصل حملة تلميع محمد بن سلمان التي نشهدها اليوم عن شبكة العلاقات المالية والسياسية التي نسجها مع ترامب على مدى سنوات.

فالأمير السعودي بحاجة إلى إعادة تأهيل دولي يعيد تقديمه كقائد عصري وشريك استراتيجي، وترامب—الذي لا يخفي ميله إلى المستبدين الأثرياء—يجد في دعم الأمير فرصة لتعزيز مصالحه التجارية وتثبيت تحالفه السياسي. وهكذا تتحول الزيارة إلى عملية “غسيل سمعة” مكتملة الأركان، يديرها ترامب بمنهج المعاملات: المال مقابل النفوذ، والاستثمار مقابل الشرعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى