Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

وثيقة تكشف فشل سياسة تدمير القوارب بمنع المهاجرين من الوصول لبريطانيا

كشفت وثيقة مسربة من سجلات خفر السواحل الفرنسي عن إخفاق سياسة المملكة المتحدة وفرنسا الرامية إلى اعتراض قوارب المهاجرين في البحر، بعد حادثة وقعت في 9 يوليو/تموز الماضي، حاولت خلالها السلطات الفرنسية تمزيق قارب مهاجرين دون أن تنجح في منعه من الوصول إلى بريطانيا.

وأوردت صحيفة الغارديان البريطانية أنه على الرغم من تشديد الإجراءات الرادعة وتعهدات الحكومة البريطانية بوقف تدفق المهاجرين، فإن عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة عبر القناة ارتفع بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، إذ تجاوز عددهم 21 ألفاً منذ بداية عام 2025، وفق بيانات وزارة الداخلية البريطانية.

والحادثة التي وردت في وثيقة “تقرير الحالة” (Sitrep) الصادرة عن مركز تنسيق الإنقاذ البحري في “غريه نيه” بفرنسا، وقعت ليل 9 يوليو، حين تدخلت قوات الدرك الفرنسي لإيقاف قارب مطاطي غادر من منطقة “كايو سور مير” وقامت بثقبه. وبعد ذلك، فُقد القارب مؤقتاً، قبل أن يُعاد رصده لاحقاً وقد استمر في الإبحار وعلى متنه المزيد من المهاجرين.

بحسب الوثيقة، فإن القارب وصل إلى المياه البريطانية صباح يوم 10 يوليو، وعلى متنه 55 شخصًا تم إنقاذهم بواسطة قارب تابع للمؤسسة الملكية الوطنية للإنقاذ البحري (RNLI). وتشير سجلات وزارة الداخلية إلى أن عشرة قوارب عبرت القناة في ذلك اليوم حاملة 573 مهاجرًا.

اتفاق بريطاني فرنسي جديد لم يوقف التدفق

الحادثة تزامنت مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفاقًا جديدًا بعنوان “واحد يدخل، واحد يخرج”، بموجبه يُسمح لشخص واحد باللجوء إلى بريطانيا مقابل إعادة آخر إلى فرنسا ممن دخلوا البلاد بشكل غير نظامي.

وشملت الخطة أيضاً اعتراض القوارب داخل المياه الإقليمية الفرنسية بعمق يصل إلى 300 متر، وهي سياسة بدأت منذ عام 2022 على الأقل، لكنها لا تزال تثير انتقادات حقوقية واسعة.

ورغم المراجعة المعلنة من قبل وزيرة الداخلية الفرنسية إيفات كوبر بشأن هذه الإجراءات، فإن السياسة مستمرة، دون أن تُعلن باريس بعد عن نتائج تلك المراجعة، حسبما أفادت مصادر مطلعة في وزارة الداخلية الفرنسية.

السلامة محل تساؤل

الحادثة الأخيرة تؤكد ما حذرت منه منظمات حقوقية في السابق: أن تمزيق القوارب لا يمنع الهجرة، بل يزيد من خطورة الرحلة على حياة المهاجرين.

وأشارت رسالة مفتوحة صادرة عن نقابة خفر السواحل الفرنسي “سوليدير دوان” إلى “تزايد سوء المعاملة المؤسسية للأشخاص في المنفى”، وأعربت عن قلقها من استخدام أساليب قد تعرّض أرواح المهاجرين للخطر دون فاعلية تذكر في وقف تدفقهم.

كما أن هذه السياسة تزيد من الضغط على موارد الإنقاذ البحري، في ظل الحاجة لإرسال فرق إنقاذ كلما تم تخريب قارب دون نجاح في وقفه.

مراكز احتجاز وغياب الشفافية

في الوقت نفسه، تبيّن أن مركز “بروك هاوس” القريب من مطار “غاتويك” بات يُستخدم لاحتجاز الأشخاص الذين يصلون عبر القوارب تمهيدًا لإعادتهم إلى فرنسا.

لكن لا توجد معلومات واضحة حول آليات اختيار الأشخاص المرحّلين، ولا حول مدة احتجازهم، الأمر الذي يثير شكوكًا قانونية، خاصة بعد فضائح سابقة سجلتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بشأن انتهاكات داخل المركز.

منظمات حقوقية: الردع لا ينفع

شارلوت خان، رئيسة قسم المناصرة والشؤون العامة في منظمة Care4Calais، قالت إن الوثيقة المسرّبة “تكشف واقعًا صادمًا عن عنف الدولة ضد اللاجئين”.

وأضافت: “لقد اعتدنا على رؤية عنف الشرطة الفرنسية بحق المهاجرين، لكن الآن هناك تصعيد ممنهج ومدعوم رسميًا. تمزيق القوارب في عرض البحر يُعرّض الأرواح للخطر ولن يمنع الناس من البحث عن ملاذ آمن”.

وأكدت أن استعداد الأشخاص لعبور البحر، رغم معرفتهم بالمخاطر الهائلة، يُثبت فشل سياسات الردع.

وتابعت: “الناس لا يركبون القوارب لأنهم يريدون خوض مغامرة، بل لأنهم يفرون من الحرب والاضطهاد. الحل الوحيد هو توفير مسارات آمنة وقانونية لطلب اللجوء”.

وبالإجمال فإن الوثيقة المسرّبة تمثل إدانة مزدوجة: لفشل السياسات الأمنية في الحد من الهجرة، ولخطورتها المتزايدة على حياة المهاجرين. وبينما تواصل بريطانيا وفرنسا تشديد الإجراءات على الحدود، فإن الأرقام على الأرض تقول إن الناس ما زالوا يأتون، وربما بطرق أكثر خطورة.

وفي غياب حلول إنسانية وقانونية واقعية، تبقى القناة الإنكليزية مسرحًا مفتوحًا للمآسي المتكررة، بينما تتراكم الانتقادات والنداءات الحقوقية التي يبدو أن صناع القرار لا يصغون إليها بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى