Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

ميرز يضغط لإرجاع اللاجئين السوريين.. الواقع أكثر تعقيدًا مما يراه اليمين

لدى المستشار فريدريش ميرز رسالة مباشرة لمئات الآلاف من السوريين الذين وجدوا ملاذًا في ألمانيا خلال الحرب الأهلية في بلادهم: «حان وقت العودة إلى سوريا».

لكن تحت ضغط حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني، تبدو تصريحات ميرز أقرب إلى مناورة سياسية داخلية منها إلى سياسة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فالحقيقة أعمق وتعقيداتها عملية وإنسانية وسياسية في آن.

وأعلن ميرز أن «انتهت الحرب الأهلية في سوريا» وأنه «لم يعد هناك مبرّر للجوء في ألمانيا»، ما يُمكّن بلاده من البدء في إعادة السوريين إلى وطنهم.

وتأتي تصريحاته في سياق مساعيه لدفع المحافظين نحو موقف أكثر تشددًا في ملف الهجرة، ومحاولة استعادة ناخبين من حزب البديل اليميني الذي جعل قضية الهجرة عنوان حملته.

وخلال الأيام الأخيرة دعا ميرز الزعيم السوري السابق للمعارضة أحمد الشرع إلى برلين لمناقشة ترحيل السوريين المدانين بجرائم، مؤكدًا في الوقت نفسه أن «إعادة الإعمار لن تكون ممكنة بدون هؤلاء الناس»، وموضحًا أن من يرفض العودة «يمكن ترحيله في المستقبل القريب».

الواقع داخل ألمانيا: اندماج وحقوق

على الأرض، تحيا أعداد كبيرة من السوريين حياة شبه مستقرة: حوالي 287 ألفًا منهم عملوا في ألمانيا العام الماضي، وحصل نحو 83 ألفًا على الجنسية الألمانية. عشرات الآلاف وجدوا وظائفًا، وأقاموا أسرًا، واندمجت أجزاء مهمة منهم في المجتمع المحلي.

وعلى هذا الأساس يصبح إجبار نسبة كبيرة من نحو مليون سوري مقيم في ألمانيا على المغادرة أمرًا معقدًا تقنيًا وقانونيًا وإنسانيًا، لا سيما بالنسبة للحاصلين على جنسية أو لحقوق إقامة مكتسبة.

وحتى الآن، لم يعلن ميرز نية لترحيل السوريين قسريًا بشكل شامل، باستثناء المدانين بجرائم. تبدو الاستراتيجية الحالية أكثر ميلًا إلى تحفيز المغادرة الطوعية بدلًا من عمليات ترحيل واسعة.

ومع ذلك، لا يُستبعد أن تتبع الحكومة سياسات أقرب إلى ممارسات تسعينيات القرن الماضي حين أعادت ألمانيا معظم اللاجئين البوسنيين بعد سنوات، إذا ما رغبت في ذلك.

غير أن مسؤولين في الحكومة نفسها يُقرّون بصعوبة العودة الفورية على نطاق واسع: وزير الخارجية يوهان فادفول وصف أثناء زيارته أطلالًا قرب دمشق الدمارَ بأنه «هائل»، وقال إن العيش بكرامة هناك سيكون صعبًا على الكثيرين.

الانقسام داخل الائتلاف واليمين المتطرف

تعليقات فادفول أثارت استنكارًا داخل صفوف المحافظين واليمين المتطرف. برلمانيون محافظون مثل ستيفان ماير ذهبوا إلى إحياء مقارنة تاريخية مع إعادة بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية كحجة لدفع السوريين للعودة.

وردّ اليمين المتطرف بقوة؛ فقد طالبت أليس فايدل، رئيسة حزب البديل، بإلغاء وضع الحماية للسوريين وترحيل من يبقى منهم قسرًا إن لم يغادر طواعية.

هذا النزاع السياسي الداخلي أجبر ميرز في بعض الأحيان على التراجع عن مواقف ليّنة داخل حكومته، ما يجعل الفضاء السياسي متقلبًا حول هذه القضية الحساسة.

مخاوف حقوقية وإنسانية

حذرت منظمات حقوق الإنسان مرارًا من مخاطر إعادة اللاجئين إلى مناطق لا تزال تعاني من عدم استقرار أو انتهاكات محتملة. خطط مشابهة لترحيل أفغانين المدانين قوبلت بانتقادات واسعة، إذ يخشى المراقبون من تعرض العائدين للعقاب أو الاضطهاد.

ويرى خبراء أن الخلاصة تكمن في أن الشروط المعلنة للعودة ينبغي أن تكون آمنة ومستدامة، وإلا فستتحول عمليات «العودة» إلى طردٍ لا إنساني وما ينطوي عليه من مخاطر.

ويحاول ميرز اجتذاب الناخبين المحافظين من خلال تشدّد عيني على ملف الهجرة، لكن تنفيذ وعود العودة الجماعية يواجه عقبات عملية وقانونية وإنسانية جسيمة.

والجدل السياسي المحتدم داخل الائتلاف والحملات الميدانية للبديل يضغطان على المستشار؛ ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستحسم الحكومة خياراتها لصالح سياسة إنسانية قائمة على التقييم الأمني والحق في العودة الآمنة أم ستنحاز إلى منطق الضغط الرمزي الذي يخدم حسابات انتخابية قصيرة المدى؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى