استطلاع: الدعم الشعبي لإسرائيل في أوروبا يهبط لأدنى مستوياته تاريخيًا

أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة “يوجوف” بالتعاون مع شبكة “يوروتراك” أن التأييد الشعبي لإسرائيل في أوروبا الغربية بلغ أدنى مستوياته منذ بدء هذه الاستطلاعات في عام 2016، في ظل تصاعد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة واستمرار الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب.
فقد كشف الاستطلاع، الذي شمل ست دول أوروبية، أن أقل من خمس السكان في أي من هذه البلدان ينظرون إلى إسرائيل بشكل إيجابي، فيما عبّر ما بين 63% إلى 70% عن مواقف غير مؤيدة أو سلبية تجاهها.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن هذا التراجع الحاد في الصورة العامة لإسرائيل يعكس التحول المتسارع في الرأي العام الأوروبي في أعقاب المجازر والانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في غزة.
انهيار في نسب التأييد الصافي
أظهر الاستطلاع أن نسبة “التأييد الصافي” لإسرائيل (الفارق بين الآراء الإيجابية والسلبية) وصلت إلى مستويات سلبية قياسية في معظم الدول التي شملها الاستطلاع: ألمانيا (-44)، فرنسا (-48)، الدنمارك (-54)، إيطاليا (-52)، وإسبانيا (-55).
وفي بريطانيا، بلغ صافي التأييد -46، وهو أقل بقليل من أدنى مستوى مسجل سابقًا عند -49 في أواخر العام الماضي.
هذه الأرقام تمثل أدنى نسب تأييد تُسجَّل منذ انطلاق استطلاعات يوجوف حول إسرائيل، ما يشير إلى تآكل عميق في التعاطف الشعبي معها داخل المجتمعات الأوروبية الغربية.
تراجع في تبرير العدوان على غزة
وفيما يتعلق بموقف الأوروبيين من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، أشار الاستطلاع إلى تراجع كبير في نسبة من يرون أن إسرائيل كانت محقة في إرسال قواتها إلى غزة وردت بشكل “متناسب” على هجمات 7 أكتوبر.
فقد تراوحت هذه النسبة بين 6% فقط في إيطاليا و16% في فرنسا، مقارنة بـ12% في بريطانيا.
بالمقابل، رأى ما بين 29% (إيطاليا) و40% (ألمانيا) أن إسرائيل كان لها الحق في الرد، لكنها “بالغت في ردّها وتسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين”، وهو الرأي الأكثر انتشارًا بين الفئات التي لا ترفض العدوان بالكامل.
كما أظهر الاستطلاع أن ما بين 12% (ألمانيا) و24% (إيطاليا) يعتقدون أن إسرائيل لم يكن ينبغي لها دخول غزة على الإطلاق.
تراجع واسع في التعاطف مع إسرائيل
فيما يخص مشاعر التعاطف، أظهر الاستطلاع أن بين 7% و18% فقط من المشاركين في الدول الست يتعاطفون أكثر مع إسرائيل، وهي أدنى مستويات مسجَّلة منذ بدء قياس هذه المؤشرات.
وعلى النقيض، ارتفعت نسب التعاطف مع الفلسطينيين بشكل ملحوظ، حيث عبّر ما بين 18% و33% عن دعمهم للفلسطينيين، وهي أرقام تسجل ارتفاعًا متواصلاً منذ 2023.
وتكاد ألمانيا تكون الدولة الوحيدة التي تساوت فيها نسب التعاطف مع الجانبين (17% لإسرائيل مقابل 18% لفلسطين)، وهو ما يعكس حجم التحول حتى في دول كانت تُعدّ تاريخيًا داعمة لإسرائيل على المستوى الشعبي والسياسي.
شكوك عميقة بشأن مستقبل السلام
الاستطلاع أظهر أيضًا تشاؤمًا واسع النطاق في أوساط الأوروبيين الغربيين إزاء إمكانية تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
ففي حين عبّر 29% من الفرنسيين عن بعض الأمل بإمكانية تحقق ذلك خلال السنوات العشر المقبلة، لم تتجاوز هذه النسبة 15% في الدنمارك، وسجلت انخفاضًا تراوح بين 4 إلى 10 نقاط مئوية في جميع الدول الست مقارنة بأواخر 2023.
صورة قاتمة لإسرائيل تتجاوز أوروبا
ولا تقتصر مؤشرات التراجع في صورة إسرائيل على أوروبا الغربية. فقد أظهر استطلاع أجراه مركز “بيو” للأبحاث في أبريل/نيسان 2025 أن 53% من الأمريكيين ينظرون الآن إلى إسرائيل بشكل سلبي، مقارنة بـ42% فقط في مارس/آذار 2022.
أما استطلاع “داتا فور بروغرس” الأمريكي الذي أُجري الشهر الماضي، فأظهر أن أغلبية الناخبين (51%) يعارضون خطة إسرائيل لإرسال مزيد من القوات إلى غزة وترحيل الفلسطينيين.
كما رأى النسبة ذاتها أنه ينبغي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار، في مقابل 31% فقط اعتبروا أنه يجب عليه مواصلة دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية.
التحول الشعبي… ضوء أحمر للغرب
تدل نتائج هذه الاستطلاعات على تحول كبير في الرأي العام الغربي، لا سيما في أوروبا الغربية، حيث لم تعد إسرائيل تُنظر إليها باعتبارها “دولة ديمقراطية تواجه الإرهاب”، بل باتت صورتها مقترنة بجرائم الحرب والحصار والمجاعة، خاصة في ظل استمرار العدوان على غزة الذي أودى بحياة أكثر من 54 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023.
الهوة المتزايدة بين الرأي العام والسياسات الرسمية في الغرب، خصوصًا في أوروبا، قد تشكل ضغطًا على الحكومات التي تواصل دعمها لإسرائيل رغم تنامي الغضب الشعبي.
وهذا ما يثير تساؤلات حول قدرة هذه الحكومات على الاستمرار في تجاهل الرأي العام المحلي، في وقت تزداد فيه العزلة السياسية والأخلاقية لإسرائيل على المستوى الدولي.