هل تعمدت مسئولة أوروبية إهانة قيس سعيد احتجاجا على سياساته؟
قال المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، إن صورة نشرتها رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مع الرئيس التونسي قيس سعيد، أثارت تكهنات واسعة بشأن تعمد إهانته احتجاجا على سياساته واحتكاره السلطات.
وذكر المجهر الأوروبي وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، أن تصرف ميتسولا يعد أحدث إشارة أوروبية على معارضة إجراءات قيس سعيد والقلق من مستقبل الديمقراطية في تونس.
والتقت ميتسولا بالرئيس التونسي على هامش القمة الأوروبية الأفريقية في العاصمة الأوروبية بروكسيل مساء الجمعة، ثم نشرت صورة على تويتر تظهرها في مقابلة سعيد الذي لم يظهر منه إلا ظهره، وهو ما اعتبر أمرا “مهينا” لسعيد.
وكتبت ميتسولا على تويتر أنها ذكّرت في لقائها بسعيد بأهمية لعودة إلى ديمقراطية برلمانية فاعلة وتوازن مؤسسي فعال”.
وشارك الرئيس التونسي قيس سعيّد يومي الخميس والجمعة في بروكسل في قمّة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الأفريقي، في أول زيارة له إلى الخارج منذ إعلانه احتكار السلطات في البلاد في 25 يوليو 2021، حين علّق عمل البرلمان وأقال الحكومة، وهو مذاك يمارس الحكم عبر إصدار مراسيم وتعليق أجزاء من دستور 2014، الذي كان قد وعد بتعديله.
وتتزامن زيارة سعيّد إلى بروكسل مع انتقادات غربية لقراره حلّ المجلس الأعلى للقضاء مطلع شباط/فبراير الحالي.
وفي تشرين أول/أكتوبر الماضي أجرى المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اتصالا مع قيس سعيّد تناول فيه التطورات في تونس وموقف الاتحاد منها.
وفي حينه كشف بيان للمفوضية الأوربية أن بوريل شدد خلال الاتصال على أهمية وضع جدول زمني محدد جيدا للعودة إلى النظام الدستوري في تونس يقوم على الفصل بين السلطات واحترام سيادة القانون والديمقراطية البرلمانية وحماية الحريات الأساسية.
وأضاف بيان المفوضية الأوروبية أن بوريل أكد أنه يتعين على الرئيس سعيّد التصدي للتحديات الاقتصادية والصحية الملحة في البلد.
وأعرب عن أمله في أن يكون تشكيل الحكومة الجديدة خطوة أولى مهمة نحو الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية.
وأشار بوريل إلى أن الاتحاد الأوروبي سيحدد على أساس إجراءات وتدابير ملموسة تتخذها السلطات التونسية أفضل السبل لدعم الديمقراطية والاستقرار والازدهار في تونس.
واختتم حديثه قائلا إن الاتحاد الأوروبي سيواصل بأقصى قدر من الاهتمام متابعة الحالة في تونس.
من جهته صوت البرلمان الأوروبي في 21 تشرين أول/أكتوبر لصالح قرار يدعو إلى “عودة الديمقراطية في تونس بشكل كامل، واستئناف عمل البرلمان في أسرع وقت ممكن”.
وأفاد بيان نشر على الموقع الرسمي للبرلمان، بأنه “تم تبني القرار بأغلبية 534 صوتا مقابل 45 صوتا، مع امتناع 106 أعضاء آخرين عن التصويت”.
وجاء في البيان: “يجب حماية الدستور والإطار التشريعي في تونس واستعادة الاستقرار المؤسسي في أقرب وقت ممكن واحترام الحقوق والحريات الأساسية”.
ودعا القرار إلى “عودة مؤسسات الدولة التونسية إلى العمل بشكل طبيعي والإعلان عن خارطة طريق واضحة لاستئناف عمل تلك المؤسسات”.
وأعرب أعضاء البرلمان عن “قلقهم العميق إزاء تركز السلطات بشكل كبير في يد الرئيس التونسي، قيس سعيد”، وفق البيان.
كما حث أعضاء البرلمان السلطات التونسية على عقد “حوار وطني شامل بشكل فعال، والذي يجب أن يشمل المجتمع المدني”.
وشدد البيان على ضرورة “استعادة نظام قضائي مستقل في البلاد؛ من شأنه أن يؤدي إلى إصلاح المحاكم العسكرية في تونس ووضع حد للمحاكمات العسكرية للمدنيين”.
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تعاني تونس من أزمة سياسية حادة، إذ بدأ قيس سعيّد سلسلة قرارات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه النيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة.
وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر سعيّد تدابير “استثنائية” أصبحت بمقتضاها الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات بمراسيم عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدا لتغيير النظام السياسي البرلماني في البلاد الذي نص عليه دستور 2014.
ورفضت أغلب القوى السياسية قرارات سعيّد الاستثنائية، وعدتها انقلابا على الدستور، في حين أيدتها قوى أخرى رأت فيها تصحيحا لمسار ثورة 2011، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).