Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبارنا

مؤسسة أوروبية: القيود على الحريات تهيمن على مؤتمر المناخ في مصر

قالت مؤسسة “فنك” الأوروبية إن القيود على الحريات والاعتقالات السياسية وتقييد حركة الصحافة هيمنت على استضافة مدينة شرم الشيخ المصّرية الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27) الذي تنعقد دوراته سنويًا منذ عام 1995.

ويستغرق مؤتمر هذا العام 12 يوما من 7 إلى 19 نوفمبر، مانحًا قادة العالم والمشرّعين والخبراء الفرصة لمواجهة التحديات المناخية الحرجة والبحث عن حلول لها.

ويحضر المؤتمر الموقعون على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) التي أُبرمت منذ ثلاثين عامًا، وضمّت 197 دولة. وتستضيف مصر الدورة السابعة والعشرين بعد انعقاد دورة العام الماضي في غلاسكو. ومن المخطط عقد دورة العام القادم في الإمارات.

وتركز أجندة مؤتمر هذا العام على اتخاذ إجراءات بشأن مجموعة القضايا المناخية الحاسمة، كالحدّ العاجل من انبعاثات الكربون، والحفاظ على الأرواح وسبل العيش، والتأكيد على ضرورة الاقتصاد الأخضر الشامل والمستدام والعادل.

لكن من المستبعد إحراز تقدم يُذكر على الرّغم من التزام المؤتمر بمواجهة التغيرات المناخية. فقد أعربت شخصيّات مصرية ودولية عن قلقها إزاء القيود الصّارمة بحرمان الصّحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء منظمات المجتمع المدني من حضور المؤتمر المناخي والتعبير عن مظالمهم، بسبب القيود التي تفرضها الحكومة المصّرية منذ سنين، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قال مراقبون اجتماعيون وخبراء في المناخ لفنك إن انعقاد المؤتمر قد يمنح مصر فرصة للتمويه الأخضر وتجميل صورتها بينما يتغافل المشاركون عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، خصوصًا فيما يتعلّق بالنشطاء الذين تعرضوا للسجن والاختطاف والإخفاء القسري لكشفهم عن انتهاكات الحكومة.

التمويه الأخضر وسيلة رئيسة

كانت إتاحة المجال للنشطاء والمنظمات بالتظاهر وتنظيم مسيرات ضد التهديدات المناخية جانبًا مهمًا من الدورة السابقة. لكن يصعب تكرار هذا في دورة هذا العام نتيجة حملة مصر المستمرة ضد المعارضين.

إذ لم تسمح إلا لثلاثين منظمة مصرية بالحضور مرة واحدة، وهو ما يعتبره النشطاء تقييدًا للمنظمات الأخرى التي لم تحصل على فرصة متساوية لطلب حضور اجتماعات المؤتمر.

فعلى سبيل المثال، مُنعت من حضور المؤتمر المفوضية المصّرية للحقوق والحرّيات، وهي من أبرز المدافعين عن حقوق المعذبين والمختفين قسريًا في مصر، حيث كان الهدف الرئيس حماية المشاركين والعمل كجهة رقابية على انتهاكات الدولة.

وسيناقش المسؤولون الحكوميون في مباحثاتهم المستمرة لأسبوعين قضايا جمّة كالتمويل ونزع الكربون والتكيف والزراعة، فضلًا عن قضايا الجندر والتنوع البيولوجي وإدارة الموارد المائية.

وينعقد المؤتمر في منطقتين رئيسيتين، الأولى هي المنطقة الزرقاء وفيها سيجتمع المسؤولون الرّسميون لتبادل الرؤى ومناقشة الحلول، والثانية هي المنطقة الخضراء وتديرها الحكومة المصّرية وتعتبرها بمثابة “منصة يمكن لمجتمع الأعمال والشّباب والمجتمعات المدنية والسكان الأصليين والأوساط الأكاديمية والفنانين ومجتمعات الموضة والأزياء من جميع أنحاء العالم التعبير عن أنفسهم وإسماع أصواتهم”.

كان هذا الادعاء مُثيرًا للجدل إلى حدّ كبيرٍ خُصوصًا عند المدافعين عن حقوق الإنسان.

فقد قال محمد عماشة، المراقب للشأن الاجتماعي في مصر وابن أحمد عبد الستار عماشة الناشط البيئي والمدافع عن حقوق الإنسان المعروف والمعتقل لأكثر من سنتين دون توجيه تهم له، إن مؤتمر المناخ يمنح مصر فرصة للتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان بإبراز صورة تقدّمية عنها.

وأضاف “لا شك في أن استضافة مصر مؤتمر المناخ ليست إلا محاولة لإظهار أنّها على وعي بقضايا البيئة، على الرّغم أن الواقع البيئيّ في مصر لن يتطور. أي إنّها استراتيجية سياسية لإضفاء الشّرعية باعتبارها دولة لها رؤية مستقبلية وتقدّر البيئة، رغم انتهاكها حقوق المعارضين، لذلك يجب على قادة العالم إدانة هذه الانتهاكات وليس شرعنتها”.

ويؤكد عماشة على وجود علاقة بين الحقوق البيئية وحقوق الإنسان، ويرى أن على المجتمع الدولي الضغط على القيادة المصّرية أولًا بدل مساعدتها في تجميل صورتها أمام العالم بالتمويه الأخضر.

قمع النشطاء

اعتُقل نحو 60 ألف سياسي في مصر منذ تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي السلطة عام 2014. وتعرّض النشطاء البيئيون الذين لم يُعتقلوا للقمع أو النفيّ. وبعضهم اضطُر إلى العمل في “المساحات الآمنة” والنشاطات التي لا تتعارض مع الحكومة. إذ تعيق مصالح الحكومة في كثير من الأحيان المشاريع الخضراء، وتستبعد أشخاصًا وجماعات بعينها عن المناقشات حول التنمية البيئية في مدن ومناطق معينة.

وقبل أسبوع من انطلاق المؤتمر، أعلن الناشط المصّري البريطاني علاء عبد الفتاح تصعيد إضرابه عن الطعام والتوقف عن تناول حصته اليومية من 100 سعرة حرارية، ليزيد الضغط على الحكومة المصرية حتى تفرج عنه.

واعتقلت السلطات المصرية الناشط البيئي الهندي آجيت راجاجوبال ومحاميه مكاريوس لحظي في 31 أكتوبر أثناء تجوله في القاهرة في طريقه سيرًا إلى شرم الشيخ للنضال من أجل العدالة المناخية، لكنها سرعان ما أطلقت سراحهما.

وقالت المفوضية المصّرية للحقوق والحرّيات في بيان لها إن آجيت راجاجوبال احتُجز بعد توقيفه في نقطة أمنية، ثم احتُجز محاميه عندما حضر لمساعدته.

كما قررت الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ البالغة من العمر 19 عامًا مقاطعة المؤتمر المناخي وبررت ذلك “بالتمويه الأخضر” الذي تمارسه الحكومة والقيود التي تفرضها على المجتمع المدني.

وصرحت: “يستغل الزعماء ومن هم في السلطة مؤتمر المناخ لجذب الانتباه مستعملين وسائل مختلفة من التمويه الأخضر”.

وتونبرغ هي واحدة من بين أكثر ألف منظمة وشخصية وقّعوا على عريضة تطالب السّلطات المصّرية بفتح المجال للحرّيات المدنية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

ويعتقد عماشة أنّه على النشّطاء الغربيين الذي مُنحوا الفرصة للتحدث في المؤتمر وحصلوا على الحماية الرسمية أن ينقلوا صوت المقموعين في مصر، ويلفتوا انتباه الجمهور العالمي إلى معاناتهم.

وقال: “إن صمتهم يسمح للدولة بقمع النشّطاء المصّريين”.

وكان الملك تشارلز ملك المملكة المتحدة قد أعلن في 28 أكتوبر الماضي غيابه عن المؤتمر قائلًا إنّها ليست “الفرصة المناسبة”، وحذا رئيس الوزراء البريطاني حذوه بسبب “الالتزامات المحلية الملحّة” وردًا على انتقادات دعاة حماية البيئة معتبرًا أن الازدهار الحق يكمن في اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن تغير المناخ.

وقال عماشة: “أعتقد أنه كان لا بد أن تتبع هذه التصّريحات بأسباب قاطعة تثبت معارضتهم انتهاكات الحكومة المصّرية ضد المعارضة في الداخل”.

قولٌ دون فعلٍ

يرى الخبير البيئي والزميل غير المقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط أشرف الشيباني أن الدول الإفريقية التي تنتج أغلبية انبعاثات الوقود الأحفوري في القارة قد تسيطر على مباحثات المؤتمر ما قد يلغي أولوية الدول الأضعف.

وأشار الخبير إلى تجاهل مؤتمر المناخ مجموعة من القضايا الهيكلية الملحة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مواجهة الكوارث المناخية ومنها تأثيرات الهجرة المناخية والصّراع في أوكرانيا وأزمة الطاقة والاعتماد المفرط على الواردات.

وأضاف: “زد على ذلك عامل الاضطرابات السياسية المهم. فوزراء البيئة يتغيرون بوتيرة سريعة، ويضع كلّ واحد منهم مجموعة سياسات مبنية على الأمنيات والأفكار الشّعبوية والتخطيط غير الجاد”.

كما يرى الشيباني أن على المؤتمر تناول قضايا أخرى مثل تاريخ استغلال النفط والغاز في المنطقة المرتبط بالاستعمار، وانتشار التصحر، وتفشي ظاهرة “التمويه الأخضر” في بعض الدول والشركات متعددة الجنسيات، والقضية الأهم: ندرة المياه.

مشاكل المناخ المركبة

يعمّ خطر ندرة المياه المنطقة منذ عام 1998 مع موجات جفاف متكررة انتهت بجفاف متوطن نعايشه اليوم واعتبرته وكالة ناسا الأسوأ منذ 900 عام.

وفاقم أزمة المياه النّمو السّكاني المطّرد، وزيادة الطلب على الزراعة، وتدهور بنية المياه التحتيّة.

وبحسب اليونيسيف، يعيش تسعة من كلّ عشرة أطفال في منطقة تعاني إجهادًا مائيًا شديدًا أو حادًا، ما يؤثر على صحتهم ونموهم المعرفي وأرزاقهم في المستقبل.

إذ شهدت الدول المتأثرة بالصّراعات كسوريا واليمن والسودان، والتي هاجر أهلها من الرّيف إلى الحضر، نموًا سكانيًا مطّردًا لا تستطيع البنية التحتيّة المحلية مواكبته.

كما تعاني سوريا تفشي وباء الكوليرا منذ أغسطس الماضي، وفاقمته التكلفة العالية للمياه النقية وسوء إدارة نظام الصّرف الصّحي في مخيمات اللاجئين.

ثم تفشى الوباء في جارتها لبنان حيث سُجّلت أكثر من 400 حالة حتى وقت كتابة هذا المقال.

أما التصّحر، فقد نال من أخصب أراضي الشرق الأوسط وتركها قاحلة.

فقد تضررت 70% من أراضي المنطقة بتدهور الأراضي الجافة. فبحسب المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، أصاب التصّحر 48.6% من مساحة الأراضي في المشرق و28.6% من مساحة أراضي وادي النيل والقرن الإفريقي و16.5% من مساحة أراضي شمال إفريقيا، و9% من مساحة أراضي الجزيرة العربية.

وتُعدّ ليبيا ومصر والأردن والبحرين والكويت وقطر والإمارات أكثر الدول عرضة للخطر. لكن الدول النفطية في الخليج قادرة على إدراج وسائل التخفيف بسرعة على عكس الدول الفقيرة كمصر وليبيا.

وفي جنوب العراق، هجر الفلاحون أراضيهم ومجتمعهم بعد أن كان مفعمًا بحياة الفلاحين وملاك الأراضي والصيادين بحثًا عن الرزق في أماكن أخرى، ونتج عن ذلك تزايد النزاعات الأهلية وإضعاف البنية التحتية المتهالكة بالفعل.

اتفاقية “نخبوية”

أكد الشّيباني على ضرورة تمثيل المجتمعات الرّيفية التي قد يغيب صوتها عن مؤتمر المناخ نظرًا إلى التحديات المركبة التي تواجه المنطقة في مواجهتها التغير المناخيّ.

وقال إن المنظمات الشّعبية المتواصلة بشكلٍ مباشرٍ مع هؤلاء الناس هي الأنسب لنقل رسائلهم ومخاوفهم.

لكنه أضاف أن ارتفاع أسعار الفنادق في مصر قبيل المؤتمر، وقيود الحكومة الخانقة على حرية التعبير سيحولان دون إيصال النشطاء والمنظمات صوت من يمثلونهم من المهمشين والضعفاء.

وعلى الرغم من إمكانية جمع المؤتمر ما يكفي لتمويل وسائل التخفيف، قال الشّيباني إن “دول الجنوب العالمي أكثر تأثرًا بالسياسات البيئيّة التي تضعها دول الشمال. وتتغافل هذه السياسات عن احتياجات دول المنطقة، لا سيما في أوقات التضخم وأزمات الطاقة”.

وأشار إلى أن “المؤتمر تحوّل إلى غرفة تجارية مغلقة على النخب، إذ يتم استبعاد النشطاء الشّباب وتتولى الشّخصيّات الرسمية القيادة. ومثلما فشل المؤتمر السابق في تحقيق نتائج ملموسة، أعتقد أن مؤتمر هذا العام سيكون مثله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى