انتقدت جماعات حقوق الإنسان بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووصفته بأنه “المهندس الرئيسي” لإعادة تأهيل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود.
وبحسب تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني، أثار استضافة ماكرون لمحمد بن سلمان في باريس غضب جماعات حقوق الإنسان التي تنتقد الرئيس الفرنسي بسبب “إعادة تأهيل” صورة الزعيم السعودي الدولية.
والتقى ماكرون ومحمد بن سلمان، الجمعة، في “غداء عمل” في المقر الرسمي للرئيس قصر الإليزيه، حيث ناقش الزعيمان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.
وتأتي الزيارة قبل قمة مالية عالمية تعقد في فرنسا. وتعد فرنسا أيضًا موردًا رئيسيًا للأسلحة والدفاع لدول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
تقول جماعات حقوقية إن ترحيب ماكرون بمحمد بن سلمان، الذي أطلق محوراً اقتصادياً وكذلك حملة قمع ضد نشطاء المجتمع المدني والحقوق، يشير إلى نفاق فرنسا، حيث انتقدت الدول لكونها محايدة عندما يتعلق الأمر بغزو روسيا لأوكرانيا.
التزم ماكرون الصمت حيال أوضاع حقوق الإنسان في السعودية، رغم دعوة منظمة العفو الدولية الرئيس الفرنسي لإثارة قضية العديد من الشبان في السعودية الذين يواجهون الإعدام.
قال مسؤول فرنسي إن ماكرون يعتزم مناقشة حقوق الإنسان، حيث تعارض باريس بشدة عقوبة الإعدام.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامارد “إن منظمة العفو الدولية ستبذل قصارى جهدها لتطلب من هذا الرئيس الفرنسي – الذي يبدو أنه يستمتع بصحبة هذا الأمير – أن يبذل جهدًا ويطلب ألا يُعدم هؤلاء الشباب أبدًا”.
أشارت منظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن وهي جماعة حقوقية أسسها المعارض السعودي جمال خاشقجي، الذي قتلت السعودية، إلى تصريحات ماكرون التي حذر فيها الدول الأخرى من تسليح روسيا بينما باعت أسلحة بقيمة 850 مليون دولار إلى مسكو.
وقالت المنظمة “بينما كان الرئيس ماكرون يلقي محاضرات على دول أخرى حول القانون الدولي ويوبخها لإلحاق الأذى بحقوق الإنسان من خلال بيع أسلحة لروسيا، إلا أنه كان حريصًا جدًا على تناول النبيذ وتناول الطعام الطاغية القاتل للمملكة العربية السعودية في عجلة جنونية لبيعه أكبر عدد من الأسلحة”.
أشار جان كلود سامويلر ، رئيس منظمة العفو الدولية في فرنسا ، إلى أنه بينما رحب ماكرون علانية بمحمد بن سلمان في البلاد ، لا يزال المجتمع المدني الفرنسي ينتقد الزعيم السعودي.
وقال سامويلر إن “المجتمع المدني الفرنسي ينتقد بشدة هذا الترحيب بمحمد بن سلمان، بعد خمس سنوات من مقتل جمال خاشقجي ، وأنا لا أتحدث فقط عن المنظمات غير الحكومية”.
وتابع “تحسين صورة المملكة لن يتطلب مئات الملايين من اليورو، بل يتطلب تحسينات ملموسة في وضع الناشطات والأقليات، وإلغاء عقوبة الإعدام”.
يقول المدافعون عن حقوق الإنسان والباحثون إن المملكة العربية السعودية شهدت نمطًا مستمرًا من القمع المنهجي منذ عام 2017 ، بعد أن أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد وحاكمًا فعليًا.
منذ ذلك الحين استهدفت موجات الاعتقالات عشرات الأكاديميين وعلماء الدين والدعاة والناشطين والاقتصاديين والعاملين في مجال حقوق الإنسان والناشطين في مجال حقوق المرأة.
وقال سامويلر: “لا يزال النشطاء السلميون مثل سلمى الشهاب يحكم عليهم بالسجن لعقود بسبب تغريدات بسيطة، وقد أحصينا 196 حالة إعدام في عام 2022 في السعودية، سبعة أضعاف رقم عام 2020”.
تأتي زيارة ولي العهد إلى فرنسا في إطار سعيه لإعادة تأهيل صورته في العالم الغربي ، بعد عدة سنوات من مقتل خاشقجي وتقطيع أوصاله في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018.
تنفي المملكة العربية السعودية تورط الأمير محمد بن سلمان، لكن وكالات المخابرات الأمريكية خلصت إلى أن مقتل خاشقجي حدث على الأرجح بمعرفة ولي العهد.
تسبب القتل في غضب كبير وصدع في علاقة المملكة العربية السعودية مع الدول الغربية مثل الولايات المتحدة، وبينما تستمر الجماعات الحقوقية في مطالبة المملكة العربية السعودية بالقتل بالإضافة إلى عدد من الانتهاكات الحقوقية الأخرى، سعت واشنطن منذ ذلك الحين إلى إصلاح الروابط مع المملكة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وصف السعودية في السابق بأنها “منبوذة” ولكن بعد ذلك في العام الماضي، قام بايدن بزيارة إلى المملكة حيث التقى بمحمد بن سلمان.
كما سبق أن استضاف ماكرون ولي العهد العام الماضي في باريس، في اجتماع انتقدته جماعات حقوقية بالمثل، حيث قامت فرنسا بتعديل صورة محمد بن سلمان على المسرح العالمي.
وقالت كالامارد من منظمة العفو إن “ماكرون كان المهندس الرئيسي لإعادة تأهيل الأمير السعودي منذ 2018”.
