الجبهة الداخلية المتفجرة لماكرون في حرب غزة
يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مخاطر التعامل مع الجبهة الداخلية المتفجرة في خضم حرب إسرائيل المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأورد تقرير مطول لصحيفة politico أن دبلوماسية فرنسا فيما يتعلق بملف الحرب على غزة تدور حول التعامل مع الانقسامات السياسية والدينية الداخلية في البلاد والتي كانت مصدراً متكرراً للتوترات الداخلية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأيام التي تلت هجوم حماس على جنوب إسرائيل، ألقى الرئيس ماكرون خطابا وطنيا تعهد فيه “بتضامنه غير المشروط” مع إسرائيل.
وبعد شهر، انحرف عن مساره لتصحيح التوازن، فنظم مؤتمراً لدعم غزة، وانضم إلى الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار.
وفي الأيام والأشهر التي تلت العملية البرية والغارات الجوية الإسرائيلية، عزز ماكرون دعمه لغزة، وقام بتنظيم عمليات إسقاط المساعدات جوا مع الأردن، بل وأرسل سفينة حاملة طائرات هليكوبتر تحولت إلى مستشفى لعلاج عدد قليل من المرضى الفلسطينيين المسموح لهم بدخول مصر.
وطوال الأشهر الستة من حرب إسرائيل على غزة، تعهد ماكرون مرارا وتكرارا ببذل كل ما في وسعه لمكافحة عودة معاداة السامية في فرنسا، بما في ذلك خلال حفل أقيم لمنظمة يهودية في الإليزيه قبل بضعة أسابيع.
وفي اليوم التالي للحفل، كان في مرسيليا يواسي امرأة بكت وهي تتوسل إليه قائلة: “سيدي. سيدي الرئيس، علينا أن نفعل شيئاً بشأن الفلسطينيين… لا تدعوا هؤلاء الأطفال يموتون”.
وفي فرنسا، سعى ماكرون جاهدا إلى تحقيق التوازن بين الجاليات المسلمة واليهودية الكبيرة والمنقسمة بشدة في فرنسا – وهي الأكبر في أوروبا.
وأجاب ماكرون وهو يمسك بكتف المرأة في مرسيليا: “نحن نبذل قصارى جهدنا، لكننا لسنا هناك، ولا نسيطر على الأمور”.
وأضاف: “لكننا طالبنا بوقف إطلاق النار ونقوم بعمليات إنسانية”، وسط عدد متزايد من الضحايا حيث أدت العمليات الإسرائيلية في غزة إلى مقتل ما يزيد عن 33 ألف شخص، وفقًا لتقرير وزارة الصحة في غزة.
ولم يمر أسبوع تقريبًا خلال الأشهر الستة الماضية دون أن يحاول ماكرون الحفاظ على السلام في فرنسا.
وقالت الصحيفة إن المجتمع الفرنسي عبارة عن برميل بارود من التوترات، مع اندلاع أعمال عنف منتظمة في الضواحي الساخطة التي تسكنها أغلبية مسلمة، وتصاعد معاداة السامية والهجمات الإرهابية في العقد الماضي، الأمر الذي أدى إلى زيادة الشعور بانعدام الأمن وتغذية المشاعر المعادية للمسلمين.
وعلى مدى الأعوام الماضية، سعت فرنسا إلى فرض المزيد من القوانين والقواعد التي تحمي العلمانية ضد التطرف الإسلامي، الأمر الذي أدى أيضاً إلى تنفير العديد من المسلمين الفرنسيين.
وينفي الخبراء والدبلوماسيون أن الدبلوماسية الفرنسية تحددها محاولات ماكرون للتغلب على تعقيدات السياسة الداخلية المحملة بتجدد معاداة السامية وانتشار كراهية الإسلام والمخاوف من الإرهاب.
ولكن كلما طال أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كلما أصبحت فرنسا أشبه بنقطة اشتعال.
وقال دبلوماسي فرنسي مطلع على المنطقة، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة موضوع حساس: “هناك لعبة توازن مزدوجة، داخلية وخارجية، مع جهودنا الدبلوماسية وضرورة صياغة الوحدة الوطنية، من خلال القيم المشتركة واللحظات التذكارية”.
وقال برونو جنبارت، خبير استطلاعات الرأي إن “ماكرون والحكومة خائفان للغاية من الانقسامات حول هذا الموضوع، وقد خلق الصراع في إسرائيل وغزة الكثير من التوترات داخل المؤسسة”.