Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات الرأي

العرب لا يبررون غزو أوكرانيا

يختتم التقرير الموسع للمؤشر العربي 2022 صفحاته الـ420، على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بتنوير قرائه بمنظور الرأي العام العربي إلى الغزو الروسي أوكرانيا الذي اكتمل يوم الجمعة الماضي عامٌ عليه.

ومع الإيجاز الشديد في الذي تُصادفه في هذا الشأن، على غير ما هي عليه قضايا عديدة اعتنى بها كثيراً هذا الاستطلاع الأوسع عربياً، تلقى أن الإجابات في 13 بلداً عن السؤال عما إذا كان المستجوَبون يرون الغزو مبرراً أم لا تُفصح عن أن الرأي العام العربي، في عمومه، لا يجده كذلك.

غير أن تفاصيل تُحيط بهذا الأمر قد تستثير رغبةً بمطالعة فيها أكثر استبصاراً في دلالاتها وإحالاتها.

من ذلك أنه فيما 31% يصفون الغزو الروسي أوكرانيا غير مبرر على الإطلاق، وأن 13% يعتبرونه غير مبرر، فإن 37% لا يعرفون أو يرفضون الإجابة، وفي ظن صاحب هذه الكلمات أنها نسبةٌ عالية، لغير سبب وسبب.

إذ يبدو مُطَمئِناً، أقله بالنسبة لكاتب هذه السطور ونظرائه ممن يناهضون نزوع روسيا الرئيس بوتين إلى حل الخلافات مع الجار الأوكراني بالتوسع والضم والاحتلال والاستباحة العسكرية، أن الرأي العام العربي في عافية طيبة، حين تكون أعلى نسبة للمتحمسين للغزو، ويرونه مبرراً جداً، هي 20% (لماذا تونس البلد الذي يحرز هذه النسبة؟ ويليها العراق ولبنان 13% في كل منهما).

وإذا ما جرى النظر في نسبة الذين يسوغون الفعل الروسي العسكري في أوكرانيا، وهي في المعدل 9% مبرر جداً، و10% مبرر إلى حد ما، فإن في الوُسع أن يُقرأ هذا الحال شاهداً على أن المجتمعات العربية لم يُقنعها الكلام الذي يقيم عليه مثقفون بين ظهرانيهم، يعتنقون أفكاراً على درجة ظاهرة من الهشاشة، عندما ترى في بوتين زعيماً صنديداً في مواجهة الإمبرياليات الغربية والرجعيات اليمينية، وأنه في فعلته المكابرة في أوكرانيا يصد أطماعاً عن بلادِه لا تخفيها دول حلف الناتو.

وفي الوُسع أيضاً أن يُرى الرفض الواسع (نسبياً) في المجتمعات العربية، في المشرق والمغرب والخليج، لاستباحة بلد بلداً جاراً آخر، دليلاً على أن المواطنين العرب لا يقلون جدارةً عن المجتمعات الغربية التي سارعت إلى رفض الوسيلة التي أخذت بها الزعامة الروسية في حل خلاف مع دولة جوار، وإن بدا هذا الخلاف قوياً، وموصولاً بموروثات تاريخية ونزوعات قومية معلنة وغير معلنة.

لا تخدش هذه الحقيقة التي يجليها المؤشر العربي، في شأن سياسي وعسكري مفتوح على جملة احتمالات من العسير حسمها، تلك النسبُ العالية للذين لا يعرفون جواباً، أو يرفضون الإجابة، في أكثر من نصف البلاد العربية التي اختيرت منها العينات التمثيلية للمستجوَبين.

ومن المدهش جداً أنها 94% نسبة هؤلاء في الجزائر، ويتخير واحدُنا هنا أكثر من تفسير لهذه النسبة المذهلة، إن كان تحسب بين الجزائريين من أن يُشهِروا موقفاً في شأن يخص بلداً صديقاً لبلدهم هو روسيا، أم أنه تحسب من أن موقفاً لا يبرر الغزو الروسي قد لا يستقيم مع رؤية سياسية رسمية تأخُذ بها الدولة، أو دواليب الحكم فيها، الرئاسة التي لا تُؤثر صداماً سياسياً غير ضروري مع روسيا، موردة السلاح الرئيسية لجيش البلاد، وكذا الجنرالات النافذون في السلطة، والمرجح أنهم يتفهمون سلوك موسكو، وربما يتعاطفون معها، وينتظرون حسم الأوضاع في أوكرانيا لصالحها.

ولئن كانت هذه النسبة الجزائرية الباهظة موضع حيرة وسؤال، فإن الناظر في نسبة 54% في السعودية لا يعرفون إجابةً عن السؤال أو يرفضون الإدلاء بها تبقى في موضع الحيرة نفسه، وإن بمقدار أقل، سيما وأن النسبة هي الأقل (بعد الجزائر) لمن يرون الغزو الروسي غير مبرر على الإطلاق، 16% وغير مبرر إلى حد ما 10%.

ولما كانت الكويت البلد الأول في رفض مواطنيها الغزو الروسي، غير المبرر جداً بنسبة 50% (14% غير مبرر)، فيما استنكف 12% عن الإجابة أو لا يعرفون، فإن هذا مفهومٌ تماماً، بالنظر إلى أن محنة غزو الجيش العراقي باقيةٌ في نفوس الكويتيين ومداركهم منذ أزيد من 30 عاماً.

غير أن لواحدِنا أن يستهجن النسبة المتواضعة بين الفلسطينيين، (21%) يجدون الغزو الروسي غير مبرر على الإطلاق و17% غير مبرر، ولا يجد 35% لديهم جواباً، وإن كان الأخيرون أقل من أمثالهم في ليبيا وموريتانيا والسودان والمغرب ولبنان … وفي هذا كله ما يستثير زوابع من أسئلة برسم التحليل والدرس.

 

مقال للكاتب: معن البياري

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى