دعوات أوروبية لمحاسبة الإمارات على التواطؤ مع الصين في قمع الإيغور
قال المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، إن دعوات تتصاعد في الأوساط الأوروبية من أجل محاسبة الإمارات على التواطؤ مع السلطات الصينية في قمع أقلية الإيغور المسلمة.
وذكر المجهر الأوروبي وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، أن منظمات حقوقية تتواصل مع أعضاء في البرلمان الأوروبي لبدء تحرك واسع ضد الإمارات على خلفية الانتهاكات ضد الإيغور.
وأوضح أن هذه التحركات تقوم على إدانة الإمارات في استهداف مسلمي الإيغور ممن يقيمون في الأراضي الإماراتية وإلزام سلطات أبوظبي بوقف إجراءات ترحيلهم بشكل قسري إلى الصين حيث يواجهون خطر الاعتقال التعسفي والتعذيب.
يأتي ذلك في ظل الكشف مؤخرا عن سماح الإمارات للصين بمنشأة عسكرية وإقامة سجناً سرّياً للإيغور المسلمين الذين يتعرّضون في بلدهم الصين للإبادة الجماعية.
وذهبت الإمارات حد استضافت شركة تنتج معدّات تجسّس صينية، تتعرف على ملامح وجوه الإيغور، بحسب ما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أنّ “شركة سينس تايم SenseTime، وهي صينية، تعرّضت لانتقاداتٍ من جماعات حقوقية وأدرجتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء لتزويدها بكين بالتقنيات المستخدمة في تحديد ملامح الإيغور، وافتتحت، في عام 2019، مقراً إقليمياً لها في أبوظبي.
في الوقت ذاته خلص تحقيق أجرته شبكة “سكاي نيوز” إلى أن الصين تستهدف مسملي الأويغور والمنتقدين في الخارج، وتضغط على دول أخرى لاعتقالهم وترحيلهم، حتى أن مسؤولين صينيين رفيعي المستوى يجرون استجوابات في “مواقع سوداء” في الإمارات.
وأظهر تحقيق للشبكة أن الأمارات أصبحت أرض صيد ثمين لأجهزة الأمن الصينية، حيث تستخدم بكين المواقع السوداء في الإمارات لاحتجاز وتعذيب المسلمين الإيغور، وأن مطارها يستخدم للقبض عليهم لدى محاولتهم السفر إلى أوروبا وأمريكا.
من جهته موقع Middle East Eye البريطاني قال إن عملاء الحكومة الصينية يعملون في الخارج على رصد الإيغور الذين فروا من الصين وتحديد هوياتهم لإجبارهم على التجسس لمصلحة الحكومة، أو إخفائهم وترحيلهم من عدد من البلدان في مقدمتها الإمارات.
فيما أشارت المقابلات التي أجرتها قناة Sky News مع سبعة أشخاص إلى أن حملة القمع الصينية ضد الإيغور تمتد إلى خارج إقليم شينجيانغ، وقد خلص فريق التحقيق الاستقصائي، بناءً على الشهادات التي جمعها، إلى أن الإمارات هي أكثر الدول التي شهدت نشاطاً لأجهزة الأمن الصينية المكلفة بملاحقة الإيغور.
أما عن أسباب هذا التعاون الوثيق، فتقول رادها ستيرلنغ، الناشطة التي أسَّست “محتجز في دبي” Detained in Dubai، وهي منظمة معنية بمساعدة ضحايا الظلم الأجانب في الإمارات وتتخذ من لندن مقراً لها، لشبكة Sky News: “الإمارات والصين بينهما شراكة تجارية قوية”.
وأوضحت ستيرلنغ أن “الصين لديها أكثر من 6000 شركة تعمل في الإمارات وهي أقوى حليف للإمارات من الناحية المالية وليس هذا فحسب، فالدولتان من نوع الدول السلطوية، وتتشاركان فرض الرقابة، وتبادل التعاون الأمني بينهما”.
كما ينقل التقرير عن جسور بورونقي، وهو أويغوري من مدينة أورومتشي في شينجيانغ، غادر الصين ليستقر في هولندا في عام 2009، أن صديقاً اتصل به من شينجيانغ وأراد مقابلته لمناقشة “أمر مهم” في دبي.
بورونقي يروي أن زوجته السابقة كانت لديها وثيقة مهمة للغاية عن معسكرٍ لاحتجاز الإيغور في كاشغر، تحوي أسماء وتواريخ ميلاد وعناوين أكثر من 800 شخص محتجزين في المعسكر.
ومع ذلك، فقد قرر بورونقي الذهاب إلى دبي، حيث التقاه مسؤولو أمن صينيون، وطلبوا منه أن يستخرج الوثائق من جهاز الكمبيوتر الخاص بزوجته السابقة ويمنحهم إياها مقابل “عمولة جيدة” لا يحتاج بعدها إلى “إنهاك نفسه بالعمل الشاق في المستقبل”.
ويتابع بورونقي في شهادته لشبكة Sky News، أن العميل الصيني “أخبره لاحقاً أنه سيُمنح بطاقة (يو إس بي) وكل ما عليه هو إدخالها إلى كمبيوتر زوجته السابقة، ليمكنهم القبض على (المخبِر الداخلي) الذي سرَّب الوثائق”.
وأضاف: “عندما هممت بمغادرة دبي، سألتهم: هل أواجه أي مشكلة عند المرور ببوابات الفحص والتفتيش وأنا معي بطاقة اليو إس بي؟ قالوا لي: (لن تواجه أي مشكلة، لقد فعلنا ذلك كثيراً)”.
قرر بورونقي الاحتفاظ بالبطاقة وسلَّمها لاحقاً إلى أجهزة الأمن الهولندية، ثم توقَّف عن الرد على مكالمات العملاء الصينيين، لكنه فوجئ بهم يرسلون مقطع فيديو لوالدته التي لا تزال في الصين.
ويتذكر بورونقي أن العميل الصيني قال له: “والدتك ليست في صحة جيدة، إذا تعاونت معنا، يمكنك مقابلتها قريباً”. وقال بورونقي في خوف: “أختي وأخي وأمي كلهم في أيديهم”.
في شهادة أخرى نقلتها الصحيفة، قال وانغ جينغيو إن والديه اعتقلا بعد أن أعرب عن دعمه للاحتجاجات التي شهدتها هونغ كونغ في عام 2019، وانتقد الجيش الصيني، ويروي جينغيو أنه كان في طريقه من تركيا إلى الولايات المتحدة، وتوقَّف في دبي، وبينما كان على وشك الصعود على متن الطائرة إلى أمريكا، أوقفه ضابطان واحتجزاه.
واستطاع جينغيو الاتصال بصديقته وو هوان، وطلب منها الحضور لكفالته وإطلاق سراحه، غير أنها اعتقلت أيضاً لدى وصولها إلى دبي، واقتيدت إلى فيلا بها غرف صغيرة منفصلة ومقفلة بأبواب حديدية، وتبدو كما “السجن”، وهناك رأت أويغور آخرين محتجزين.
فيما قال جينغيو وصديقته هوان إن مسؤولين صينيين استجوبوهما على الأراضي الإماراتية.
وأضافت هوان: “في رأيي، لقد جاءوا من القنصلية الصينية، على الأقل معظمهم. وحالياً، أعرف شخصاً واحداً منهم، كان القنصل العام في القنصلية، ويُدعى لي زوهانغ”.